Tuhfa Ciraqiyya

Ibn Taimiyah d. 728 AH
12

Tuhfa Ciraqiyya

التحفة العراقية في الأعمال القلبية

Penerbit

المطبعة السلفية

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

1402 AH

Lokasi Penerbit

القاهرة

Genre-genre

Tasawuf
فَقَالَ مَا عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا فَإِن الله قد كتب مَا هُوَ خَالق إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَفِي صَحِيح مُسلم عَن جَابر إِن رجلا أَتَى النَّبِي ﷺ فَقَالَ إِن لي جَارِيَة هِيَ خادمتنا وسانيتنا فِي النّخل وَأَنا أَطُوف عَلَيْهَا وأكره أَن تحمل فَقَالَ اعزل عَنْهَا إِن شِئْت فَإِنَّهُ سيأتيها مَا قدر لَهَا وَهَذَا مَعَ ان الله سُبْحَانَهُ قَادر على مَا قد فعله من خلق الْإِنْسَان من غير أبوين كَمَا خلق آدم وَمن خلقه من أَب فَقَط كَمَا خلق حَوَّاء من ضلع آدم الْقصير وَمن خلقه من أم فَقَط كَمَا خلق الْمَسِيح بن مَرْيَم ﵇ لَكِن خلق ذَلِك بِأَسْبَاب أُخْرَى غير مُعْتَادَة وَهَذَا الْموضع وَإِن كَانَ إِنَّمَا يجحده الزَّنَادِقَة المعطلون للشرائع فقد وَقع فِي كثير من وَكثير من الْمَشَايِخ المعظمين يسترسل أحدهم مَعَ الْقدر غير مُحَقّق لما أَمر بِهِ وَنهى عَنهُ وَيجْعَل ذَلِك من بَاب التَّفْوِيض والتوكل وَيجْرِي مَعَ الْحَقِيقَة الْقَدَرِيَّة ويحسب أَن قَول الْقَائِل يَنْبَغِي للْعَبد أَن يكون مَعَ الله كالميت بَين يَدي النَّاس يتَضَمَّن ترك الْعَمَل بِالْأَمر وَالنَّهْي حَتَّى يتْرك مَا أَمر بِهِ وَيفْعل مَا نهى عَنهُ وَحَتَّى يضعف عِنْده النُّور وَالْفرْقَان وَالَّذِي يفرق بِهِ بَين مَا أَمر الله بِهِ وأحبه وأرضاه وَبَين مَا نهى عَنهُ وأبغضه وَسخطه فيسوى بَين مَا فرق الله بَينه قَالَ تَعَالَى الجاثية أم حسب الَّذين اجترحوا السَّيِّئَات ان نجعلهم كَالَّذِين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَوَاء محياهم ومماتهم سَاءَ مَا يحكمون وَقَالَ تَعَالَى الْقَلَم أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين مَا لكم كَيفَ تحكمون وَقَالَ تَعَالَى ص أم نجْعَل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات كالمفسدين فِي الأَرْض أم نجْعَل الْمُتَّقِينَ كالفجار وَقَالَ تَعَالَى الزمر قل هَل يَسْتَوِي الَّذين يعلمُونَ وَالَّذين لَا يعلمُونَ وَقَالَ تَعَالَى وَمَا يستوى الْأَعْمَى والبصير وَلَا الظُّلُمَات وَلَا النُّور وَلَا الظل وَلَا الحرور وَمَا يَسْتَوِي الاحياء وَلَا الْأَمْوَات إِن الله يسمع من يَشَاء وَمَا أَنْت بمسمع من فِي الْقُبُور وأمثال ذَلِك حَتَّى يُفْضِي الْأَمر بغلاتهم إِلَى عدم التَّمْيِيز بَين الْأَمر بالمأمور النَّبَوِيّ الإلهي الفرقاني الشَّرْعِيّ الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْكتاب وَالسّنة وَبَين مَا يكون فِي الْوُجُوه من الْأَحْوَال الَّتِي تجْرِي على أَيدي الْكفَّار والفجار فَيَشْهَدُونَ وَجه الْجمع من جِهَة الْجمع بِقَضَاء الله وَقدره وربوبيته وإرادته الْعَامَّة وَأَنه دَاخل فِي ملكه وَلَا يشْهدُونَ وَجه الْفرق الَّذِي فرق الله بِهِ بَين أوليائه وأعدائه والأبرار والفجار وَالْمُؤمنِينَ والكافرين وَأهل الطَّاعَة الَّذين أطاعوا أمره الديني وَأهل الْمعْصِيَة الَّذين عصوا هَذَا الْأَمر

1 / 48