القضايا الكبرى
القضايا الكبرى
Penerbit
دار الفكر المعاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق
Nombor Edisi
١٤٢٠هـ ٢٠٠٠م / ط ١
Lokasi Penerbit
سورية
Genre-genre
وفي مثل هذه الفترات يجب أن توضع المشاكل ضمن حدود جديدة، ذلك أن التحديدات الأساسية يعاد وضعها موضع الاستفهام من جديد.
فعندما يجد المجتمع نفسه أمام محنة حاسمة من مِحَنِ تاريخه لا يستطيع التفوُّق عليها بواسطة العمل الذي يتمُّ تصوره ضمن المعايير المعتادة، فإنه يكون مرغمًا آنَئِذٍ على قلب هذه المعايير، وعلى إعطاء (العمل) تعريفًا ثوريًّا. وعندما يتعين على المرء القفز فوق الهاوية، يكون مرغمًا على تمديد طاقته الكلية للقيام بوثبة؛ وعندئذ يصبح العمل كلَّ طاقة الشعب المحتشدة في نشاطه المشترك لاجتياز محنة حاسمة. وفي مثل هذه الفترات لا تتمثل المسألة في العمل من أجل مجرد العيش، ولكن من أجل البقاء.
والواقع أن النساءَ الجزائريات اللاَّتي وَهَبْنَ حُلاهُنَّ في السنة الماضية، قد أطَعْنَ أوامِرَ مثل هذا العمل الحافِز، بِخَلْقهِنَّ لِجَوِّهِ المفاهيميِّ.
فالحِليَةُ التي وُهِبَتْ قد لا تكون ذات أهميَّة من حيث قيمتها المادِّية، ولكنها تتضمن قيمة رمزيَّة، إنها إسهام المرأة التي قَدَّمَتْها في النشاط المشترك. وهي بهذا الاعتبار تحملُ فعَّاليَّة المشْحَذ (Catalyseur) الْمُسَرِّع للطاقة الوطنية المجنَّدة في عمل حافز. فقد رأينا بالنسبة إلى مجتمع آخر كيف استطاعت ألمانيا الْمَنْزوفة الدماء سنة ١٩٤٥م، أن تدهش العالم بنهوضها العجيب من جديد سنة ١٩٥٥م، كما سلف أن بَيَّنَّا ذلك في محاضرة سابقة.
وهذه الأعجوبة لم تحدث من تلقاء نفسها، ولا بطريق الصدفة: إنها نتيجة للعمل التطوُّعي، المتمثِّل في ذلك (العمل الآليِّ) الذي انخرط فيه الشعب بأكمله، حيث قام كل ألماني- سواء أكان رجلًا، أو امرأة، أو طفلًا- بتقديم ساعتين إضافيتين من العمل إلى وطنه وهذا الرَّأسمالُ الضخم المتجمع من ساعات العمل هو الذي صنع تلك العجزة.
1 / 105