246

The Foundational Methodology for Studying Analytical Exegesis

المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي

Genre-genre

٤. ولا بد أن يكون رفيقًا فيما يأمر به رفيقًا فيما ينهى عنه
وفي نحو ذلك جاءت وصيته تعالى لموسى وهارون ﵉ فقال لهما: ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٤٣) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (٤٤)﴾ [طه: ٤٣ - ٤٤].
هذا مع ما جمع فرعون من صنوف الشرّ كله: من ادعاء الألوهية والربوبية، والعلو في الأرض، والصد عن سبيل الله، والتكبر والتجبر، والفساد والإفساد فيها، وسفك الدماء، وقتل الأبرياء، واستحياء النساء.
وقال الله تعالى أيضًا مخاطبًا نبيه ﷺ: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥]، فامتثل النبي ﷺ أمر ربه، ثم أوصى ﷺ أمته بذلك فقال ﷺ: «إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه» (^١)، ولا شك أن لنا فيه ﷺ الأسوة الحسنة.
ويؤكد سفيان الثوري أيضًا على جملة من خصال القائم بتلك الشعيرة العظيمة فيقول: «لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فيه ثلاث خصال: رفيق بما يأمر، رفيق بما ينهى، عدل بما يأمر، عدل بما ينهى، عالم بما يأمر، عالم بما ينهى» (^٢).
ولا ريب أن استعمال تلك الخصال له العواقب الحميدة والآثار الطيبة على الداعي والمدعو والدعوة نفسها على حدٍّ سواء.
ويقول سبحانه ممتنًا على نبيه ﷺ أيضًا: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ [آل عمران: ١٥٩].
هذا كله مع وجوب التحلي بالإخلاص وحسن القصد، ولم يفرد الباحث الكلام عن الإخلاص مع أهميته ومكانته، لأنه شرط صحة في قبول جميع الأعمال.

(^١) مسلم (٢٥٣٩).
(^٢) جامع العلوم والحكم (جـ ٣) (ص ٩٦٣). (٥٩)

1 / 246