The Foundational Methodology for Studying Analytical Exegesis
المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي
Genre-genre
٣. أن يكون الآمر والناهي صبورًا
لأن الأمر والنهي مظنة عاقبته الابتلاء، فجات وصية لقمان الحكيم لولده بالصبر عقب وصيته بالأمر والنهي فقال له: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ﴾ [لقمان: ١٧].
قال الطبري: «﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ﴾ [لقمان: ١٧] يقول: واصبر على ما أصابك من الناس في ذات الله، إذا أنت أمرتهم بالمعروف، ونهيتهم عن المنكر، ولا يصدّنك عن ذلك ما نالك منهم ﴿إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [لقمان: ١٧] يقول: إن ذلك مما أمر الله به من الأمور عزمًا منه» (^١). ويؤكد نفس المعنى تأخير التواصي بالصبر عن التواصي بالحق في سورة العصر، والله أعلم.
ويقول ابن كثير: «﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ﴾ [لقمان: ١٧]، علم أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، لا بد أن يناله من الناس أذى، فأمره بالصبر. وقوله: ﴿إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [لقمان: ١٧] أي: إن الصبر على أذى الناس لمن عزم الأمور» (^٢).
ويقول ابن سعدي: «ولما علم أنه لا بد أن يبتلى إذا أمر ونهى وأن في الأمر والنهي مشقة على النفوس، أمره بالصبر على ذلك؛ فقال: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ﴾ [لقمان: ١٧] الذي وعظ به لقمان ابنه ﴿مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [لقمان: ١٧] أي: من الأمور التي يعزم عليها، ويهتم بها، ولا يوفق لها إلا أهل العزائم» (^٣). كما وصى الله بذلك رسوله ﷺ بقوله: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ [المزمل: ١٠].
ويبيِّن شيخ الإسلام ابن تيمية جملة من الصفات التي يجب أن يتصف بها القائم بهذه الشعيرة وأن يتحقق بها ويصطحبها فيقول: «لا بد من العلم والرفق والصبر، فالعلم قبل الأمر والنهي، والرفق معه، والصبر بعده» (^٤).
(^١) الطبري (٢٠/ ١٤٣).
(^٢) ابن كثير (٦/ ٣٣٩).
(^٣) ابن سعدي (٦/ ١٣٥٣).
(^٤) مجموع فتاوى ابن تيمية (جـ ٢٨) (من ص ١٣٤ إلى ص ١٣٧).
1 / 245