Revolusi Puisi Moden dari Baudelaire Hingga Zaman Kini (Bahagian Pertama): Kajian
ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر (الجزء الأول) : الدراسة
Genre-genre
وأمثال هذه المقارنات التي تقلب سلم الموجودات وتضع غير الحي فوق الحي ترد كثيرا عند نوفاليس ، نتيجة تأثره بمصادر الكيمياء القديمة. ويكفي أن نقرأ هذه العبارة لديه: «إن الأحجار والمواد هي أسمى الموجودات. الإنسان هو العماء أو الاختلاط الحقيقي». والعبارة تردد كذلك عند بودلير، وبخاصة عندما يتكلم عن الحلم، فيضيف إليها ما يدل على امتهانه للطبيعة وتحقير كل ما هو طبيعي بحيث يوازي الاختلاط والاضطراب والفساد. فالطبيعة في رأيه تعني الموجودات النباتية، كما تعني كذلك مظاهر الانحطاط المختلفة في أحوال البشر. فإذا لجأ إلى صور من العالم غير العضوي، كانت هذه الصور رموزا على العقل المتفوق والروح المطلق، وتولد عنها لون من التوتر الحاد الذي نلمسه لديه. وكل من يتأمل الفن التشكيلي في القرن العشرين سيلاحظ هذه الظاهرة نفسها. فالأشكال التكعيبية والصور التي ترسم بألوان غير واقعية، والتنافر والنشاز الذي يغلب على تركيباتها يتفق تماما مع ما يقوله بعض كبار الفنانين - مثل فرانز مارك وإرنست بكمان - عن الطبيعة ووصفهم لها بالاضطراب والاختلاط والفساد. وليس حتما أن نجد في هذا دليلا على التأثير المتبادل؛ إذ يكفي أنه يدل على وجود بناء مشترك يلتزم به الأدباء والفنانون المحدثون على السواء.
يري بودلير أن الكائنات غير العضوية ليست لها أهمية في ذاتها. إنها لا تكتسب دلالتها ومعناها حتى تصبح مادة للعمل الفني. فالتمثال عنده أدل من الجسد الحي، ومنظر الغابة على خشبة المسرح أعظم من منظر الغابة الطبيعية. وقد يقال إن هذا كله يتفق مع العقلية اللاتينية التي تعنى بالشكل والبناء أكثر من عنايتها بالمعنى أو الحياة. ولكن التطرف في تطبيق هذه الأفكار هو الأمر الجديد حقا. فالمساواة بين العمل الفني وبين الكائنات غير العضوية، وطرد «الواقع» من الأدب والشعر على هذه الصورة العنيفة أشياء جديدة قد لا نجد لها مثيلا من قبل إلا في أدب الباروك الإسباني الذي تربطه بالشعر الحديث روابط قوية. ومع ذلك فلم يكن من السهل أن نجد في العصور السابقة قصيدة مثل قصيدة بودلير التي تظهر الكائنات غير العضوية والفنية المصنوعة في صورة روحانية وتجريدية بالغة الدقة والروعة والصفاء، ونعني بها قصيدته «حلم باريسي ». والقصيدة لا تصور مدينة واقعية بل مدينة لا ترى إلا في الأحلام؛ فهناك أشكال هندسية مختلفة ليس فيها أثر للحياة النباتية، وهناك أقواس هائلة تحيط بالماء وهو العنصر الوحيد المتحرك في هذه الصورة - وإن بقي مع ذلك ميتا - وهناك أخاديد من الماس، وأنفاق من أحجار كريمة. لا شمس ولا نجوم، بل سواد ناصع بذاته، لا إنسان، ولا مكان، ولا زمان، ولا صوت:
رأيت في الحلم مشهدا مربعا
لم تره عين فانية،
ولم تزل صورته الغامضة البعيدة
تخلبني في هذا الصباح.
أن النوم يزخر بالعجائب!
فبنزوة فريدة
كنت قد نفيت من هذه المناظر
فوضى الحياة النباتية،
Halaman tidak diketahui