Kitab At-Tawwabin
كتاب التوابين
Penerbit
دار ابن حزم
Nombor Edisi
الأولى ١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: أَتَبْكِي عَلَى شَجَرَةٍ أَنْبَتَهَا اللَّهُ لَكَ وَلا تَبْكِي عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ أَرَدْتَ أَنْ تُهْلِكَهُمْ فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ؟!
فَعِنْدَ ذَلِكَ عَرَفَ يُونُسُ ذَنْبَهُ وَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ فَغَفَرَ لَهُ.
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمَّا قَوِيَ يُونُسُ كَانَ يَخْرُجُ مِنَ الشَّجَرَةِ يَمِينًا وَشِمَالا فأَتَى عَلَى رَجُلٍ يَصْنَعُ الْجِرَارَ فَقَالَ يُونُسُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا عَمَلُكَ؟ قَالَ: أَصْنَعُ الْجِرَارَ وَأَبِيعُهَا وَأَطْلُبُ فِيهَا فَضْلَ اللَّهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى يُونُسَ: أَنْ قُلْ لَهُ يَكْسِرْ جِرَارَهُ فَقَالَ يُونُسُ ذَلِكَ لَهُ فَغَضِبَ الْجَرَّارُ وَقَالَ: إِنَّكَ رَجُلُ سَوْءٍ! تَأْمُرُنِي بِالْفَسَادِ وَتَأْمُرُنِي أَنْ أَكْسِرَ شَيْئًا صَنَعْتُهُ وَعَمِلْتُهُ وَرَجَوْتُ خَيْرَهُ.
فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى يُونُسَ: أَلا تَرَى إِلَى هَذَا الْجَرَّارِ كَيْفَ غَضِبَ حِينَ أَمَرْتَهُ بِكَسْرِ مَا صَنَعَ؟ وَأَنْتَ تَأْمُرُنِي بِهَلاكِ قَوْمِكَ! فَمَا الَّذِي يَشُقُّ عَلَيْكَ أَنْ يَصْلُحَ مِنْ قَوْمِكَ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ! قَالَ: اللَّهُ سُبْحَانَهُ: ﴿فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ . يَعْنِي مِنَ الْمُصَلِّينَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَنْزِلَ الْبَلِيَّةُ ﴿لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [الصافات: ١٤٣] .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ كَانَ ذَاكِرًا لِلَّهِ فِي الرَّخَاءِ ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي الشِّدَّةِ وَاسْتَجَابَ لَهُ وَمَنْ يَغْفَلْ عَنِ اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ وَذَكَرَهُ فِي الشِّدَّةِ لَمْ يَسْتَجِبْ لَهُ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ . فَقَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنبياء: ٨٨] يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالصَّالِحِينَ إِذَا وَقَعُوا فِي الْخَطِيئَةِ ثُمَّ تَابُوا إِلَيَّ قَبِلْتُ مِنْهُمْ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "دَعَا أَخِي يُونُسُ بِهَذِهِ الدَّعْوَةِ فِي الظُّلُمَاتِ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ فَلا يَدْعُو بِهَا مُؤْمِنٌ مَكْرُوبٌ إِلا كَشَفَ اللَّهُ ﷿ ذَلِكَ عَنْهُ إِنَّهَا عِدَةٌ مِنَ اللَّهِ لا خُلْفَ لها". [الترمذي ٢٥٠٥، أحمد ١/١٧٠] .
1 / 26