وقال: اعص الهوى وأطع من شئت، ولا تغتر بمال وإن كثر، ولا تطلب حاجة إلى كذوب، فإنه يبعدها وهي قريبة، ولا (إلى) جاهل فإنه يجعل حاجتك وقاية لحاجته.
وقال: لا تنجو مما تكره حتى تمتنع عن كثير مما تحب وتريد.
أبو زيد البلخي
كان من حكماء الإسلام وفصحائه وبلغائه وله تصانيف كثيرة في كل فن، منها كتاب الأمد الأقصى وكتاب بيان وجوه الحكمة في الأوامر والنواهي الشرعية وسماه كتاب الإبانة عن علل الديانة وكتاب في الأخلاق وكتب أخر.
قال: للصدق أصل وفرع ونبات (من أ) كل من ثماره وجد حلاوة طعمه، والكذب عقيم لا أصل له ولا ثمرة فاحذره.
وقال: إذا كثر الخزان للأسرار زادت ضياعًا.
وقال: من طلب لسره حافظًا أفشاه.
وقال: لا بد من الموت فلا تخف، وإن كنت تخاف مما بعد الموت فأصلح شأنك قبل موتك وخف سيئاتك لا موتك.
وقال لطباخ سيء الطبخ ما أكيسه يصير الطعام قبل لا كل والهضم برازًا، وقال يومًا لطبيب جاهل: عالج نفسك أولًا ثم شخص غيرك ثانيًا وقال إذا مدحك واحد بما ليس فيك فلا تأمن أن يذمك أيضًا بما ليس فيك.
وقال: الشريعة الفلسفة الكبرى، ولا يكون الرجل متفلسفًا حتى يكون متعبدًا مواظبًا على أداء أوامر الشرع.
وقال: من سره ما ليس فيه من الفضائل ساءه ما فيه من الرذائل.
وقال: الدواء الأكبر هو العلم.
الفيلسوف أبو الفرج بن الطيب الجاثليق
كان الشيخ أبو علي يذمه ويهجن تصانيفه، ويقول في المباحث من حق تصنيفه أن يرد على بايعه، ويترك عليه ثمنه، ولعل ذلك لتحاسد يكون بين أهل العصر.
وأبو الفرج كان من حكماء بغداد وكان حكيمًا ملء إهابه، داخلًا بيت الحكمة من أبوابه، وله تصانيف في المنطق وغير ذلك وقد وجدت له تصنيفًا لطيفًا في كمية الأعمار ورسائل وكان عالمًا باللغة الرومية واليونانية.
وكان أبو علي يعترف بتقدمه في صناعة الطب ثم يعترض على بعض رسائله في الطب ويقول ظننت أن أبا الفرج كان مقدمًا في الطب إلا أن كلامه غير فصيح، فبعضه مستقيم وبعضه سقيم فهو من المستطرفين لا من أصحاب الصناعة وأنا قد رأيت كتابًا لأبي الفرج في علل الأشياء واستفدت منه واعترفت بأنه كان حكيمًا ولكن بينه وبين أبي علي بون بعيد، وأبو علي كان مؤذيًا مهجنًا.
وقد رأيت في بعض الكتب أن أبا علي دخل على الحكيم أبي علي ابن مسكويه صاحب كتاب تجاب الأمم وكتاب الشوامل والهوامل، والتلامذة حوله فرمى أبو علي إليه جوزة وقال بين مساحة هذه الجوزة بالشعيرات، فرفع ابن مسكويه أجزاء في الأخلاق ورماها إلى ابن سينا وقال: أما أنت فأصلح أخلاقك أولًا حتى استخرج مساحة الجوزة وأنت أحوج إلى إصلاح أخلاقك مني إلى مساحة الجوزة.
وهكذا يطعن أبو علي في أثناء تصانيفه على أبي الفرج وليس الذم والتثريب والتهجين من دأب الحكماء المبرزين بل تقرير الحق، ومن قرر الحق، استغني عن تهجين أهل الباطل، صاننا الله عن الرذائل وأسبغ علينا نعم الفضائل.
وقد بعث أبو الريحان البيروني مسائل إلى أبي علي فأجاب عنها أبو علي، واعترض أبو الريحان على أجوبة أبي علي وهجنه وهجن كلامه وأذاقه مرارة التهجين وخاطب أبا علي بما لا يخاطب به العوام فضلا عن الحكماء فلما تأمل أبو الفرج الأسئلة والأجوبة قال: من نخل الناس نخلوه ناب عني أبو الريحان.
وكان أبو الفرج يقول: أنا من أولاد فولوس وفولوس كان ابن أخت جالينوس. ولما بعث الله تعالى عيسى بالحق إلى الناس كان جالينوس شيخا عاجزًا فبعث إلى عيسى ﵇ ابن أخته فولوس واعتذر إليه وقال: أنا محبوس الهرم. وكتب إلى عيسى ﵇ كتابا، وكان عيسى يقرأ ويكتب، ومضمون الكتاب: يا طبيب النفوس ونبي الله ربما عجز المريض عن خدمة الطبيب بسبب عوارض جسمانية، وقد بعثت إليك بعضي وهو فولوس لتعالج نفسه بالآداب النبوية والسلام.
فلما وصل فولوس إلى عيسى أكرمه عيسى ﵇ وصار من الحواريين وكتب عيسى إلى جالينوس: يا من أنصف من علمه، الصحيح لا يحتاج إلى الطبيب إلا في حفظ صحته والمسافة لا تحجب النفوس عن النفوس والسلام وادعت النصارى أن فولوس صار بعد شمعون الصفا نبيا وله كتاب فيه دلائل البعث والحشر.
1 / 6