وحكى لي والدي ﵀ أنه كان بناحية بيهق علوي متكلم يقال له السيد عليك بن زيد الحسني البيهقي السلفي، وكان نيسابوري الأصل، وكان يحفظ ظواهر علم الكلام فحسب. فدخل يومًا على الحكيم أبي الفتح، والحكيم أبو الفتح يتخيل أنه من حذاق بيهق وفضلائها، فاستنطقه أبو الفتح فقرأ من طريق المطايبة ذلك العلوي فصلًا من ظواهر الكلام، وأعاده ثلاث مرات كما تكرر المسائل في المدارس، فعلم أبو الفتح قلة بضاعته ومرتبته فقال له: يا سيد بم عرفت أنك إنسان؟ فقال السيد: لم أقرأ ذلك في كتابي فضحك الحاضرون وخرج السيد (يقول) هذا الحكيم يسألني عن غوامض المخروطات، ويقول: بم عرفت أنك إنسان، وأنا متكلم لا علم لي بالمخروطات، فقال له (والدي) ولا بالمبسوطات يا سيد.
ومن كلمات الحكيم قوله: يكتفي اللبيب بأدنى تفسير وتلويح.
خير مفاتيح الأمور الصدق.
أن تفعل ما لا تقول، خير من أن تقول ما لا تفعل، فإن فضل الفعل على القول مكرمة، ونقصان الفعل على القول عار.
أبو سهل النيلي النيسابوري
هو بكر بن عبد العزيز النيلي، كان حكيمًا فاضلًا، الغالب عليه علم الطب، وقد شرح مسائل حنين في مجلدات مبسوطة، وكان نيسابوري المولد والمنشأ، عارفًا بأجزاء علوم المعقولات، ماهرًا في المعالجات ومن أشعاره قوله:
قد رضت باليأس نفسي ... فعل اللبيب الحكيم
أقنعتها بكفاف ... وفيه كل النعيم
فما يد لكريم ... عندي ولا للئيم
وقوله:
يا من تكلف إخفاء الهوى جلدًا ... إن التكلف يأتي دونه الكلف
وللمحب لسان من ضمائره ... بما يجن من الأهواء يعترف
ومن كلماته قوله، الصدق دعامة العقل وقال: الصدق أمانة (و) لا خير في قول لا يصدقه فعل من لا يعرف من مبدإ المرض كيفية البحارين فليس بطبيب. الطبيب لا يكذب لأن الكذب خيانة، والطبيب عن الخيانة بمعزل.
إبراهيم بن عدي الحكيم
كان صنو يحيى بن عدي، وإبراهيم كان أخص خواص أبي نصر الفارابي، وملازمًا له ومدون تصانيف أبي نصر.
ولإبراهيم تصانيف كثيرة في النفس وسائر العلوم.
وذكر في بعض تصانيفه: (أن) التقسيم هبوط والتحليل صعود. وقال: التقسيم (والتحليل خادمان للحد والبرهان فخدمة) التقسيم بكثير الوسائط، وخدمة التحليل بالإنتقاء، كما أن حد الإنسان يحلل إلى حيوان وناطق.
وقال: كل محدود متصور وليس كل متصور محدودًا.
الحكيم أبو الحسن علي بن أحمد الحسوني
من قدماء الحكماء وله تصانيف كثيرة، ومن تصانيفه (توبة تادمة) فيها: القادر العالم البصير من أي جهة توهمته فهو واحد، من الربح والخسران بري، ومن كل ما تعرفه به غني، لايصدر ما يصدر عنه عن غرض ولا طبيعة، إذ هو عن الغرض في رتب رفيعة.
ومنها: فيا أيها العظيم الجواد على التحقيق، ما أحسن ما هديت السبيل، ودللت على الطريق، فلو لم يكن جودك على هذا المثال والإحكام ما كان يليق بك يا ذا الجلال والإكرام. وقال: القلم الحقيقي عبارة عن العقل، واللوح عن النفس، والفلك الأطلس عن العرش، والفلك المكوكب عن الكرسي، والأفلاك السبعة عن السموات، والأقاليم السبعة عن الأرضين، وأعلى عليين العرش، وأسفل سافلين المركز.
أبو عيسى بن يحيى بن علي المنجم
له تصانيف (ومن تصانيفه كتاب) في إثبات نبوة نبينا محمد المصطفى ﵇ من طريق البرهان المنطقي.
ومن كلماته: لا يغررك إلا من لا يريد نصيحتك وقال: الحق أولى من العادة لا تعب ولا تهجن كلامًا لا برهان لك على تهجينه.
لا يؤثر القليل الفاني على الكثير الباقي
أبو سعد محمد بن محمد الغانمي
1 / 21