يكونُ حُكْمًا في بعضِ مسائلِ الشرعِ، وإنَّما عَنَوْا به انتفاءَ الأحكامِ، وذَكَرَ مِثْلَه الإمامُ في (البُرْهَانِ) والغزاليُّ وابنُ السمعانِيِّ وغيرُهم من الأصحابِ، وإنما قالَ المصنِّفُ: بل الأمرُ موقوفٌ إلى وُرُودِهِ؛ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ مَن ظَنَّ أنَّ القولَ بالوقفِ غيرُ القولِ بنفيِ الأحكامِ، وليسَ كذلك، بل مُرَادُهم بالوقفِ أنَّ الأمرَ موقوفٌ على وُرُودِ الشرعِ، وأنَّ الحكمَ مُنْتَفٍ ما لم يَرِدِ الشرعُ.
ص: (وحَكَّمَتِ المُعْتَزِلَةُ العقلَ، فإنْ لم يَقْضِ فثَالِثُها لهم: الوقفُ عن الحَظْرِ والإِبَاحَةِ).
ش: هذا من المصنِّفِ تحريرٌ لنقلِ مذهبِ الاعتزالِ؛ فإنَّ الإمامَ الرَّازِيَّ عَمَّمَ الخلافَ عنهم في جميعِ الأفعالِ، وليسَ كذلك، بل الأفعالُ الاختياريَّةُ عندَهم تَنْقَسِمُ إلى ما يَقْضِي العقلُ فيها بِحُسْنٍ أو قُبْحٍ، فيُتَّبَعُ فيها حُكْمُ العقلِ، وتَنْقَسِمُ إلى الأحكامِ الخمسةِ بِحَسَبِ تَرَجُّحِ الحُسْنِ أو القُبْحِ وتَعَادُلِهِما، ولا خِلافَ عندَهم في هذا، وإليه أشارَ بقولِهِ: (وحَكَّمَتِ المُعْتَزِلَةُ العقلَ)؛ أي: فيما يَقْضِي فيه العقلُ، ودَلَّ
1 / 147