Zaman Pemerintahan Khulafa' al-Rashidin: Sejarah Umat Arab (Jilid Ketiga)
عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
Genre-genre
وصفوة القول أن لعمر مواهب ومزايا انفرد بها عن جماعة الصحابة؛ فقد كان متفانيا في حب الله ورسوله، ومخلصا صادقا في الولاء لدينه ونبيه، منقبا عن الخير يهديه للمسلمين غير مقصر في نصحهم والسعي إلى إسداء المعونة إليهم. (4) أحواله في أيام أبي بكر
لما استخلف أبو بكر الصديق كان عمر أقرب الناس منه، يقدم إليه خالص النصح، ولا يقصر في معاونته وتسديد أموره، وكان عمر في جيش أسامة بن زيد الذي عزم الرسول على بعثه قبل وفاته، فلما توفي رسول الله واستخلف أبو بكر استأذن أسامة في أن يبقي عمر إلى جانبه يستشيره في أمور المسلمين ويستنير برأيه السديد، ولم يكتم عمر من أبي بكر شيئا مما فيه صلاح المسلمين ورشاد أمورهم، ولا عجب فإن عمر كان صاحب الكلمة المسموعة في عهد الرسول لإخلاصه ونقاوة سريرته وفهمه لحقائق الأشياء، فلما تولى الصديق وأحاطت به بعض الفتن والمشاكل لم يجد في غير عمر سندا وعضدا ووزيرا، ولما مات الرسول وارتدت العرب واضطرب حبل الإسلام ورأى بعض الصحابة وفيهم عمر أن يقبل الخليفة الصديق من المرتدين عدم إعطاء الزكاة، ثار أبو بكر ثورته التاريخية، واضطر عمر والصحابة أن يوافقوا أبا بكر ويقولوا بقوله، وكان قوله هذا الفصل الحق الذي أنجح الإسلام. والغريب في هذا الأمر أن أبا بكر المعروف بلينه وقف هذا الموقف الحازم، بينما وقف عمر المعروف بشدته هذا الموقف اللين، ولكنا حين نعرف أن عمر رجع على الفور إلى رأي الصديق نعرف أن عمر إنما قال ذلك حقنا للدماء وخوفا من الفشل في حرب أهلية والإسلام بعد ضعيف لم يقو القوة اللازمة، ولكنه ما لبث أن انشرح صدره (أي الفاروق) فقال بقوله، وسار بسيرته، وأيده في فكرته في قتال المرتدين، وقال: ما هو إلا أن رأيت أن الله شرح صدر أبي بكر حتى عرفت أنه الحق.
ولم يكن الصديق يقطع أمرا إلا استشار عمر فيه، فإن وافق عليه أمضاه وإلا عدل عنه إلى ما يراه، ومن ذلك ما يروى عن عيينة بن حصن الفزاري، والأقرع بن حابس التميمي أنهما قدما إلى أبي بكر فقالا: يا خليفة رسول الله، إن عندنا أرضا سبخة ليس فيها كلأ ولا منفعة، فإن رأيت أن تقطعنا لعلنا نحرثها أو نزرعها، ولعل الله أن ينفع بها بعد اليوم، فقال أبو بكر لمن حوله: ما تقولون فيما قالا إن كانت أرضا سبخة لا ينتفع بها؟ قالوا: نرى أن تقطعهما إياها لعل الله ينفع بها بعد اليوم، فأقطعهما إياها، وكتب لهما كتابا بذلك، وقال لهما: أشهدا عمر، فانطلقا إليه يشهدانه، فوجداه يهنأ بعيرا له، فقالا: إن أبا بكر قال: اشهد بما في هذا الكتاب، فنقرأ عليك أو تقرأ، فقال: أنا على الحال التي تريان، فإن شئتما فاقرآ، وإن شئتما فانتظرا حتى أفرغ فأقرأ عليكما، قالا: بل نقرأ ، فقرآ، فلما سمع ما في الكتاب تناوله من أيديهما، وامتنع عن الإشهاد على ما جاء فيه، وقال لهما: إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
كان يتألفكما ، والإسلام يومئذ ذليل، وإن الله قد أعز الإسلام، فاذهبا فاجهدا جهدكما لا رعى الله عليكما إن رعيتما، فأقبلا على أبي بكر وهما يتذمران، فقالا: والله ما ندري أنت الخليفة أم عمر؟! فقال الصديق: لا بل هو لو شاء كان، ثم جاء عمر وهو مغضب، فوقف على أبي بكر فقال: أخبرني عن هذه الأرض التي أقطعتها هذين: أأرض هي لك أم للمسلمين عامة؟ فقال: بل للمسلمين عامة، فقال: ما حملك على أن تخص بها هذين دون جماعة المسلمين؟! قال: استشرت هؤلاء الذين حولي، فأشاروا علي بذلك، قال: فإذا استشرت هؤلاء الذين حولك، فكل المسلمين أوسعتهم مشورة ورضا! فقال أبو بكر: قد كنت قلت لك إنك أقوى مني على هذا، ولكن غلبتني.
13
فأنت ترى من هذه القصة أن أبا بكر يعترف بفضل عمر، ويرجع إلى أقواله وآرائه ولا يخالفه، بل يرى أنه أقوى منه على إدارة الأمور وتنظيم شئون الدولة وتصريف أحوالها، وكان أبو بكر يقول - كما روت ذلك السيدة عائشة: ما على الأرض أحد أحب إلي من عمر،
14
وكان أبو بكر يعهد إليه بالقضاء بين المسلمين، فيحكم فيهم بما أنزل الله، بينما جعل أبا عبيدة على المال، وجعل عليا وعثمان وزيد بن ثابت على كتابة شئون الدولة وتولي أمور الديوان.
الفصل الثالث
Halaman tidak diketahui