وعاد عمير إلى أصحابه، وأذكى ابن الأشتر حرسه، ولم يدخل عينه غمض ، حتى إذا كان السحر الأول عبأ أصحابه، وكتب كتائبه، وأمر أمراءه، فجعل سفيان بن يزيد الأزدى على ميمنته، وعلى بن مالك الجشمى على ميسرته ، وجعل عبد الرحمن بن عبد الله - وهو أخو إبراهيم بن الاشتر لامه - على الخيل، وكانت خيله قليلة، وجعل الطفيل بن القيط على الرجالة، وكانت رايته مع مزاحم بن مالك ، فلما انفجر الفجر صلى الصبح بغلس، ثم خرج فصف أصحابه، والحق كل أمير بمكانه، ونزل إبراهيم يمشى ويحرض الناس، ويمنيهم الظفر ، وسار بهم رويدا، فأشرف على تل عظيم مشرف على القوم ، فجلس عليه، وإذا أولثآك القوم لم يتحرك منهم أحد، فأرسل عبد الله بن زهير السلولى ليأتيه بخبر القوم، فعاد إليه وقال له : قد خرج القوم على دهش وفشل؛ لقينى رجل منهم وليس له كلام إلا : يا شيعة ابى تراب، يا شيعة المختار الكذابا قال: فقلت له : الذى بيننا أجل من الشتم، وركب إبراهيم وسار على الرايات يحثهم ويذكر لهم فعل ابن زياد بالحسين وأصحابه وأهل بيته: من السبى والقتل ومنع الماء، وحرضهم على قتله، وتقدم القوم إليه، وقد جعل ابن زياد على ميمتته الحصين بن نمير السكونى، وعلى ميسرته عمير بن الحباب السلمى، وعلى الخيل شرحبيل بن ذى الكلاع الحميرى فلما تدانى الصفان حمل الحصين بن نمير فى ميمنة أهل الشام على ميسرة إبراهيم ، فثبت له على بن مالك الجشمى؛ فقتل، ثم أخذ رايته قرة بن على فقتل فى رجال من أهل البأس ، وانهزمت الميسرة؛ فأخذ الراية عبد الله بن ورقاء بن جنادة السلولى ابن أخى حبشى بن جنادة صاحب رسول الله فاستقبل المنهزمين فقال: إلى يا شرطة الله! فأقبل إليه كثرهم، فقال : هذا أميركم يقاتل ابن زياد، ارجعوا بنا إليه، فرجعوا وإذا إبراهيم كاشف رأسه ينادى: إلى شرطة الله! أنا ابن الأشتر ، إن خير فراركم كراركم، ليس مسيئا من أعتب؛ فرجع إليه أصحابه، وحملت ميمنة إيراهيم على ميسرة ابن زياد وهم يرجون أن ينهزم عمير بن الحباب كما زعم، فقاتلهم عمير قتالا شديدا، وأنف من الفرار، فلما رأى ذلك إبراهيم قال لاصحابه : اقصدوا هذا السبواد الاعظم؛ فوالله لثن هزمناه لانجفل من شرون يمنة ويسرة انجفال طير ذعرتها، فمشى أصحابه إليهم فتطاعنوا ثم صاروا إلى السيوف والعمد فاضطربوا بها مليا، وكان صوت الضرب بالحديد كصوت القصارين ، وكان إبراهيم يقول لصاحب رايته : انغمس برايتك فيهم، فيقول : ليس لى متقدم، فيقول : بلى، فإذا تقدم شد إبراهيم بسيفه فلا يضرب به رجلا إلا صرعه، وكرد إيراهيم الرجالة من بين يديه كأنهم الحملان، وحمل أصحابه حملة رجل واحد، واشتد القتال فانهزم أصحاب ----
Halaman 113