فأقبل إليه المور بن مخرمة ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف فقاتلا حتى قتلا جميعا، وضاربهم ابن الزبير إلى الليل ثم انصرفوا عنه ، هذا فى الحصر الأول ، ثم أقاموا عليه يقاتلونه بقية المحرم وصفر كله ، حتى إذا مضت ثلاثة أيام من شهر ربيع الأول سنة أربع وستين - رموا البيت بالمجانيق وحرقوه بالنار، وأخذوا يرتجزون ويقولون :
خطارة مثل الفنيق المزبد
نرمى بها أعواد هذا المسجد
وقيل : إن الكعبة احترقت من نار كان يوقدها أصحاب عبد الله حول الكعبة، وأقبلت شرارة هبت بها الريح؛ فاحترقت ثياب الكعبة واحترق خشب البيت، والأول أصح؛ لأن البخارى قد ذكر فى صحيحه أن ابن الزبير ترك الكعبة ليراها الناس محترقة ؛ يحرضهم على أهل الشام، وأقام أهل الشام يحاصرون ابن الزبير حتى بلغهم نعى يزيد بن معاوية لهلال ربيع الآخر وفيها توفى يزيد بن معاوية لأربع عشرة خلت من شهر ربيع الآخر.
~~وفيها بويع بالخلافة معاوية بن يزيد بالشام ، وبويع لعبد الله بن الزبير بالحجاز.
~~وفيها بايع أهل البصرة عبيد الله بن زياد على أن يقوم لهم بأمرهم، حتى يصطلح الناس على إمام يرتضونه لانفسهم، ثم أرسل عبيد الله رسولا إلى أهل الكوفة يدعوهم إلى مثل ذلك، فأبوا عليه، وحصبوا الوالى الذى كان عليهم؛ وذلك أنه لما بلغت عبيد الله وفاة يزيد قام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه وقال : يا أهل البصرة ، لقد وليتكم وما أحصى ديران مقاتلتكم إلا سبعين ألف مقاتل، ولقد احصى اليوم ثماتين ألف مقاتل، وما أحصى ديوان عمالكم إلا تسعين ألفا، ولقد أحصى اليوم مائة ألف وأربعين ألفا، وما تركت لكم ذا ظنة أخافه عليكم إلا وهو فى سجنكم، وإن أمير المؤمنين يزيد قد توفى، وقد اختلف هل الشام، وأنتم اليوم اكثر الناس عددا، وأوسعهم بلادا، وأغنى عن الناس ، فاختاروا لانفسكم رجلا ترضونه لدينكم وجماعتكم، فأنا أول راض من رضيتموه، فإن اجتمع أهل الشام على رجل ترضونه دخلتم فيما دخل فيه المسلمون، وإن كرهتم ذلك كنتم على جديلتكم حتى تعطوا حاجتكم، فما لكم إلى أحد من أهل البلدان حاجة، فقامت خطباء هل البصرة فقالوا: والله ما نعلم أحدا أقوى منك عليها، فهلم تبايعك، فقال : لا حاجة لى في ذلك، فاختاروا لأنفسكم، فأبوا غيره، وأبى عليهم حتى كرروا ذلك ثلاث مرات، ثلما أبوا بسط يده ، فبايعوه ثم خرجوا يمسحون أكفهم بباب الدار وحيطانه ، وجعلوا بقولون: أظن ابن مرجانة أنا نوليه أمرنا في الفرقة؟! فكان يأمر بالأمر فلا ينفذ، ويرى ----
Halaman 105