أستخير الله، فقال : خار الله لك وجعلنا فداك، فاذا أتيت مكة فاياك أن تقرب الكوفة؛ فانها بلدة مشنومة بها قتل أبوك وخذل أخوك واغتيل بطعنة كادت تأتى على نفسه ، الزم الحرم؛ فإنك سيد العرب، ولا يعدل بك أهل الحجاز أحدا، ويتداعى الناس إليك من كل جانب.
~~فنزل مكة واختلف أهلها إليه، وأهل الآفاق، وابن الزبير لازم جانب الكعبة، فهو قائم يصلى عندها ويطوف، ويأتى حسينا فيمن يأتيه ، ويشير عليه ، وهو أثقل خلق الله على ابن الزبير؛ لانه قد علم أن أهل الحجاز لا ييايعونه أيدا ما دام حسين بالبلد، وقام سليمان بن صرد بالكوفة فقال: إن كنتم تعلمون أنكم تنصرون حسينا فاكتبوا إليه، وإن خفتم الفشل قلا تغروه، قالوا: بل نقاتل عدوه، فكتبوا إليه : بسم الله الرحمن الرحيم ، لحسين بن على من سليمان بن صرد، والمسيب بن نجية، ورفاعة بن شداد، وحبيب بن مظاهر، وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة : سلام عليك، فإنا نحمد اليك الله الذى لا إله لا هو، الحمد لله الذى قصم عدوك، وإنه ليس علينا إمام، فأقبل؛ لعل الله يجمعنا بك.
~~فقدم الكتاب عليه بمكة لعشر مضين من رمضان ، ثم جاءه مائة وخمسون كتابا من الرجل والاثنين والثلاثة، ثم جاءه كتاب آخر يقولون: حى هلا؛ فإن الناس ينتظرونك؛ فالعجل العجل.
~~وتلاقت الرسل كلها عنده، فقرأ الكتب وكتب مع هانئ بن هانى السبيعى وسعيد بن عبيد الحنفى - وكانا آخر الرسل - : بسم الله الرحمن الرحيم ، من حسين بن على إلى الملا من المؤمنين والمسلمين، أما بعد : فإن هانئا وسعيدا قدما علىى، وكانا آخر من قدم من رسلكم، وقد بعثت أخى وابن عمى وثقتى من أهل بيتى، وأمرت أن يكتب إلى بحالكم، فإن كتب إلى أنه قد أجمع رأى ملئكم وذوى الحجا والفضل منكم على مثل ما قدمت به على رسلكم، قدمت عليكم إن شاء الله تعالى.
~~فلما قتل مسلم بن عقيل وهانى وكان الحسين قد خرج من مكة يوم الثلاثاء لئمان مضين من ذى الحجة، وكان قد أشار عليه جماعة - منهم ابن عباس - ألا يخرج، وكان من جملة ما قال له : أتسير إلى قوم أميرهم عليهم قاهر لهم وعماله تجبى بلادهم، فإنما دعوك إلى الحرب ولا آمن أن يكذبوك، فقال: أستخير الله، ثم عاد إليه فقال له : إنى أتصبر ولا أصبر، إنى أتخوف عليك أهل العراق؛ فإنهم أهل غدر ، أقم بهذا البلد ؛ فإنك سيد الحجاز، فإن كان أهل العراق يريدونك فاكتب إليهم فلينفوا عدوهم، وإن أبيت فسر إلى اليمن؛ فإن بها حصونا وشعابا، وهى أرض عريضة، فقال : قد أجمعت المسير، ----
Halaman 96