ذكر هروب ريس الاسكندرية ومن معه من عكا
قد تقدم القول كيف انكسرت الشواني ، وأسر من كان فيها من الرؤساء والرجال ولا أسروا بعث بهم إلى عكا طلبا للفداء ، فامتنع مولانا السلطان من فدائهم بمال أو رجال وكتب إليهم : "إني قد استغنيت عنهم بغيرهم" ، وكتب إلى من أخذ من الرؤساء ان لا يسعوا في فداء أنفسهم ، ومن فدى نفسه شنقه . ودام الحال على ذلك ، فات من مات ، وهرب من هرب ، ومولانا السلطان يعمل العحيلة في خلاصهم بحيث أن لا يتثلد مانة لأهل عكا، فكتب إلى الأمير عز الدين أيبك العلائي ، نايبالسلطنة بقلعة صفد ، يأمره أن يوسع الحيلة في خلاص المذكورين ، فكتب عز الدين و إلى رجل من الفرنج المقيمين بعكا يسمى جفرين ، ووعده إن هو سعى في اخلاصهم أن يعطيه ألف دينار ، فاجتهد المذكور في ذلك ، وتحيل إلى أن دس إليهم مبارد[ومناشير] قطعوا بها شباكأ كان في البرج الذي هم محبوسون فيه ، ثم أخرجوا من الباب ليلا وعليهم زي الفرنج إلى مركب كان قد أعد لهم ، فركبوه إلى ساحل جهة عينت لهم ، فوجدوا خيل البريد معدة على الساحل لهم ، فغير من زيهم ولثموا ، ودخلهما إلى صفد سرا من غير أن يشعر بهم أحد ، فبعث بهم الأمير عز الدين ملثمين بحيث لا يعرفون ، وكان وصوهم إلى القاهرة في شهر ربيع الأول ، وهم الريس شهابالدين آبو العباس المغربي ، والريس شهاب الدين محمد بن الريس الموفق ريس الاسكندرية ، وزين الدين أخوه ، والريس سيف الدين أبو بكر بن إسحاق .
Halaman 102