فأهلكهم الله، ثمَّ وليته بعدهمْ جرهم فاستخفوا بِحقِّهِ وَاسْتَحَلُّوا حرمته فأهلكهم الله، ثمَّ وليته خُزَاعَة ثمَّ بعد خُزَاعَة ولي قصي بن كلاب حجابة الْكَعْبَة وَأمر مَكَّة ثمَّ أعْطى وَلَده عبد الدَّار السدَانَة وَدَار الندوة واللواء، وَأعْطى عبد منَاف السِّقَايَة والرفادة والقيادة فَلَمَّا هلك قصي أقيم أمره فِي قومه بعد وَفَاته على مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَيَاته، وَولى عبد الدَّار حجابة الْبَيْت وَولَايَة دَار الندوة واللواء فَلم يزل عَلَيْهِ حَتَّى هلك، وَجعل عبد الدَّار الحجابة بعده إِلَى ابْنه عُثْمَان بن عبد الدَّار، وَجعل دَار الندوة إِلَى ابْنه عبد منَاف بن عبد الدَّار، أما الندوة فَلم تزل بَنو عبد منَاف بن عبد الدَّار يلون الندوة دون ولد عبد الدَّار، فَكَانَت قُرَيْش إِذا أَرَادَت أَن تشَاور فِي أَمر فتحهَا لَهُم عَامر بن هَاشم بن عبد منَاف بن عبد الدَّار وَبَعض وَلَده أَو ولد أَخِيه، وَكَانَت الْجَارِيَة إِذا حَاضَت أدخلت دَار الندوة ثمَّ شقّ عَلَيْهَا بعض ولد عبد منَاف بن عبد الدَّار درعها، ثمَّ درعها إِيَّاه وانقلب بهَا أهلوها فحجبوها، فَكَانَ عَامر بن هَاشم بن عبد منَاف بن عبد الدَّار يُسمى محيضًا، وَإِنَّمَا سميت دَار الندوة لِاجْتِمَاع الندى فِيهَا يندونها أَي: يَجْلِسُونَ فِيهَا لإبرام أُمُورهم وتشاورهم. وَأما السدَانَة: فَلم تزل بَنو عُثْمَان بن عبد الدَّار يلون الحجابة دون ولد عبد الدَّار، ثمَّ وَليهَا عبد الْعُزَّى بن عُثْمَان بن عبد الدَّار، ثمَّ وَليهَا وَلَده أَبُو طَلْحَة عبد الله بن عبد الْعُزَّى بن عُثْمَان بن عبد الدَّار، ثمَّ وَليهَا وَلَده طَلْحَة من بعده حَتَّى كَانَ فتح مَكَّة فقبضها رَسُول الله ﷺ من أَيْديهم، وَفتح الْكَعْبَة ودخلها ثمَّ خرج رَسُول الله ﷺ من الْكَعْبَة مُشْتَمِلًا على الْمِفْتَاح، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب ﵁: بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله أعطنا الحجابة مَعَ السِّقَايَة فَأنْزل الله ﷿: " إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا ". قَالَ عمر بن الْخطاب: فَمَا سَمعتهَا من رَسُول الله ﷺ قبل تِلْكَ السَّاعَة فَتَلَاهَا ثمَّ دَعَا عُثْمَان بن طَلْحَة فَدفع إِلَيْهِ الْمِفْتَاح وَقَالَ: غيبوه ثمَّ قَالَ: خذوها يَا بني طَلْحَة بأمانة الله سُبْحَانَهُ فاعملوا بِالْمَعْرُوفِ خالدة تالدة لَا يَنْزِعهَا مِنْكُم إِلَّا ظَالِم،
1 / 62