على وُلَاة الْكَعْبَة الْبَيْت أَن ينحلوا لَهُم عَن ولَايَته ويدلوهم على الْحجر فَفَعَلُوا ذَلِك، فَمن هُنَالك صَارَت ولَايَة الْبَيْت لخزاعة إِلَى أَن صيرها أَبُو غبشان إِلَى عبد منَاف هَذَا قَول الزبير. فولى قصي بن كلاب حجابة الْكَعْبَة وَأمر مَكَّة وَجمع قومه من قُرَيْش من مَنَازِلهمْ إِلَى مَكَّة يستعز بهم وتملك على قومه، وخزاعة مُقِيمَة بِمَكَّة على رباعهم ومساكنهم وَلم يتحركوا وَلم يخرجُوا مِنْهَا، فَلم يزَالُوا على ذَلِك حَتَّى الْآن، وَكَانَ قصي أول رجل من بني كنَانَة أضَاف ملكا وأطاع لَهُ بِهِ قومه، فَكَانَت إِلَيْهِ الحجابة والرفادة والسقاية والندوة واللواء والقيادة، وَلما جمع قُرَيْش قصيًا بِمَكَّة سمي مجمعا، فحاز قصي شرف مَكَّة وابتنى دَار الندوة، وفيهَا كَانَت قُرَيْش تقضي أمورها وَلم يكن يدخلهَا من قُرَيْش من غير ولد قصي إِلَّا ابْن أَرْبَعِينَ سنة للمشورة وَكَانَ يدخلهَا ولد قصي كلهم أَجْمَعُونَ وخلفاؤهم فَلَمَّا كبر قصي وَكَانَ عبد الدَّار أكبر وَلَده وبكره وَكَانَ عبد منَاف قد شرف فِي زمَان أَبِيه وَذهب شرفه على كل مَذْهَب وَعبد الدَّار وَعبد الْعُزَّى وَعبد بَنو قصي بهَا لم يبلغُوا وَلَا أحد من قَومهمْ من قُرَيْش مَا بلغ عبد منَاف من الذّكر والشرف والعز، وَكَانَ قصي وحبى بنت خَلِيل يُحِبَّانِ عبد الدَّار ويرقان عَلَيْهِ؛ لما يريان من شرف عبد منَاف عَلَيْهِ وَهُوَ أصفر مِنْهُ. فَقَالَت لَهُ حبي: لَا وَالله لَا أرْضى حَتَّى يخص عبد الدَّار بِشَيْء يلْحقهُ بأَخيه. فَقَالَ قصي: وَالله لألحقنه بِهِ ولأحبونه بِذرْوَةِ الشّرف حَتَّى لَا يدْخل أحد من قُرَيْش وَلَا غَيرهَا الْكَعْبَة إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا يعصون لَهُ أمرا وَلَا يعقدون لِوَاء إِلَّا عِنْده، فأجمع قصي على أَن يقسم أُمُور مَكَّة السِّتَّة الَّتِي فِيهَا الذّكر والشرف والعز بَين ابنيه، فَأعْطى عبد الدَّار السدَانَة وَهِي الحجابة وَدَار الندوة واللواء، وَأعْطى عبد منَاف السِّقَايَة والرفاة والقيادة فَأَما السدَانَة وَهِي الحجابة أَي: خدمَة الْبَيْت وَتَوَلَّى أمره وَفتح بَابه وإغلاقه، فيروى إِنَّهَا كَانَت قبل قُرَيْش لطسم قَبيلَة من عَاد فاستخفوا بِحقِّهِ وَاسْتَحَلُّوا حرمته
1 / 61