229

مكة كان لهم نصيب طيب من هذه الخلع بحكم الصلة الوثيقة بينهم وبين الفاطميين ، وأن مكة كان يهدى اليها انواعا من هذه الاثواب الموشاة بخيوط الذهب والفضة في مواسم الحج ومناسبات الاعياد ، ولا بد من أن يشيع تقليد هذه الاثواب في الاوساط الراقية في مكة وان تترك أثرها في أزياء الاهالي الى حد تبدو فيه ملابسهم وقد نالها من التطور ما يجعلها قريبة الشبه بما يلبسه الفاطميون.

** الناحية العلمية :

ذكرنا في فصل الحياة العلمية في عهد العباسيين الثاني ان حلقات العلم في المسجد ظلت تغص بطلاب العلم واساتذته من تلاميذ أصحاب مالك وأصحاب الشافعي ثم أصحاب أحمد بن حنبل ثم قلنا انه ما وافى القرن الرابع حتى كان النشاط العلمي قد دب اليه الوهن على اثر تفرق اعلام مكة في الامصار وقد ظل الوهن على ذلك طيلة القرن الرابع والخامس والسادس للهجرة فلم يلمع في مكة الا بعض افراد كانت بيوتهم تتخصص في طلب العلم وتتوارثه كما تتوارث خطب الجمعة والامامة في المسجد الحرام ومن اظهر هذه البيوت في اواخر العهد الفاطمي في القرن السادس بيت الطبري.

وهم ينتسبون الى قريش وقد هاجر أجدادهم في غمرة من هاجر في العهد العباسي ثم ما لبث الاحفاد أن عادوا الى مكة في القرن الخامس ، وأول من قدم منهم أبو معشر الطبري فقد جاور مكة وجلس للاقراء بها عام 488 واشتهر منهم في القرن السادس رضي الدين بن ابي بكر وظل احفاد هذا البيت يخدمون العلم في مكة الى ان انقرضوا في القرن الثالث عشر (1).

Halaman 250