اليه منفردا وسريت فى ليلة قراء فغشينى النوم فما أفقت الا وراحلتى تعسف بى مجهلا حزنا منكرا فراعنى ذلك وأوجست خوفا وتلغت فاذا نيران كالنجوم فنحوتها عسعا وخبطا حتى دنوت منها فاذا هى متقاربة قد حف بها مصطلون لا يشبهون البشر لهم لغط ولم أربيوتا ولا نعما فقفّ شعرى وقامت راحلتى فتغاجت ورجزت فالقيت نفسى عنها وانعطفت تلك الاشخاص زرافات نحوى فصرخت بأندى صوتى أنا عائذ بزعيم هذه الزرافات فأتانى أربعة منهم فحيونى وجلسوا الىّ فاذا صور مشوّهة ومناظر فظيعة فقال لى أحدهم ممن الانسى فقلت رجل من غسان من بنى قيلة قال أين نويت قلت ألست فى ذمّة جوار قال بلى فلا بأس عليك فأخبرتهم خبرى من فصه ثم قلت انا معشر الانس انما نعتمد الكهان لما يأخذونه عنكم من العلم فأخبرونى بطلبتى فأشار ثلاثة منهم الى الرابع وقالوا على الخبير سقطت فحصصته بالمسئلة فقال أبو من أنت فقلت أبو عامر فقال نعم يا أبا عامر ونعامة عين فدونك علما ليس بالمين يا أبا عامر أقسم بنا عش القفر الغامر بالقطر الهامر لتعملن العناسر الضوامر الى أكرم آمر وأنضح ذامر ولينزلن من السماء كلام آمر يحش العكص المغامر ويفحم عن السمر السامر يا أبا عامر ان الله قد أسفه هياع دغامر ومياع غوامر وكأن قد ندب هاصر أكاسر وقياصر وزافى غوايات أعاصر قال أبو عامر فقلت أملك هذا المندوب قال كلا بل نبى شراف كرام واف موطأ الاكناف من بنى هاشم بن عبد مناف فقال أبو عامر أراك تنسبه فهل تصفه لى قال أجل انه لأزهر وضاح ليس بالطويل الملواح ولا بالقصير الدحداح اذا نظررنا أولاح واذا أوذى أعرض وأشاح فى عينيه نجلة ولامره وشكلة غير ممغره وبين كتفيه امره وهو أمى لا يزبر السطره يأتى بالحنيفية الميسرة فيسعد من قاف أثره سمع أذنى من المجتحة السفره قال أبو عامر ثم نهض وامتتبع الثلاثة فتبعوه فلزمت مكانى سائر ليلتى فلما أصبحت عدت لطيتى* وأبو عامر هذا لم ينفعه الله تعالى بما علم من صفة النبىّ ﷺ وكان يرتقب بعثة النبىّ ﷺ فلما بعث حسده فخذل الناس عنه ولم يؤمن به وهو الذى بنى مسجد الضرار وهو المشار اليه بقوله تعالى وارصادا لمن حارب الله ورسوله وكان أوّل من أنشب الحرب يوم أحد ودعا النبىّ ﷺ أن يميته الله طريدا وحيدا فاستجاب الله دعاءه فعاود عبادة الاصنام وأقام بمكة الى يوم الفتح ثم فرّ يوم الفتح ولحق بأرض الروم فتنصر ومات بها طريدا وحيدا فنعوذ بالله من علم لا ينفع وقلب لا يخشع (ومن أخبار الكهنة) ما روى أن مرثد بن عبد كلال كان ملكا عظيما رأى فى منامه رؤيا أحافنه فى حال منامه فلما استيقظ أنسيها حتى ما تذكر منها شيئا وبقى ارتعاده فى قلبه واستقرّ خوفه فى نفسه فانقلب سروره حزنا فجمع الكهان واستخبرهم فما أخبره أحد برؤياه ولا بتأويلها الى أن خرج يوما الى الصيد فأوغل فى طلبه وانفرد عن أصحابه فرفعت له أبيات فى ذرى جبل وقد لفحه الهجير فعدل الى الابيات وقصد بيتا منها كان منفردا عنها فبرزت اليه منه عجوز فقالت له انزل بالرحب والسعة والامن والدعة والجفنة المدعدعة والعلبة المترعة فنزل عن جواده ودخل البيت فلما احتجب عن الشمس وخفقت عليه الارواح نام فلم يستيقظ حتى تصرّم الهجير فجلس يمسح عينيه فاذا بين يديه فتاة لم ير مثلها فى الجمال فقالت له أيها الملك الهمام هل لك فى الطعام فاشتدّ اشفاقه وخاف على نفسه لما رأى أنها قد عرفته فتصامم عن كلمتها فقالت له لا حذر فداك البشر فجدّك الاكبر وحظنا بك الاوفر ثم قرّبت اليه ثريدا وقديدا وحيسا وقامت تذب عنه حتى انتهى أكله ثم سقته لنا صريغا وضريبا فشرب ما شاء وجعل يتأمّلها مقبلة ومدبرة فلأت عينه جمالا وقلبه هوى فقال لها ما اسمك يا جارية قالت له اسمى عفيرا قال لها يا عفيراء من الذى دعوتيه الملك الهمام قالت مرثد عظيم الشان حاشر السكواهن والكهان لمعضلة بعل بها الجان قال الملك يا عفيرا أتعرفين ما تلك المعضلة قالت أجل
1 / 29