250

============================================================

الشبيد شح معالم العدل والتوحيل من جهته ولا يعقل كونه متكلما علمنا أن كونه متكلما ليس أمرا زائدا على وجود الكلام المسلك الثالث أن لفظ المتكلم لو كان موضوعا بإزاء أمر زائد على وجود الكلام من جهته لكان لا يصح إطلاق ذلك الاسم إلا ممن عرف هذه الحالة، ونحن نعلم ضرورة أن أهل اللغة يسمونه متكلما عند وجود الكلام منه وإن لم يخطر ببال أحد منهم معرفة هذه الحالة، ولا فهموها، وهذا يدل على أن إطلاق اسم المتكلم موضوع على من وجد منه الكلام من غير أمر زائد.

لا يقال: إنهم وإن لم يعرفوها مفصلة فقد عرفوها على سبيل الاجمال، وهو كاف في صحة إطلاق الاسم. لأنا نقول: إن هذه الصفة لا يفهمها إلا الأذكياء وأهل الكياسة بالأدلة الدقيقة، فأما أهل اللغة فهي معتاصة على أفهامهم، ولا تخطر لأحد منهم على بال لا على جملة ولا تفصيل.

المسلك الرابع أن نقول: إن من أثبت لله تعالى صفة بكونه متكلما زائدة على وجود الكلام فهو يثبتها له في الأزل؛ لأنها قديمة كسائر صفاته القديمة من القدرة والعلم والحياة، فنقول: إذا وجد هذا الكلام من جهته أعني الحروف والأصوات فإما أن يستحق صفة غير ما كان ثابتا في الأزل أم لا. والأول باطل؛ لأنه لو ثبت له صفتان ثبتت له ثالثة ورابعة إلى غير غاية، إذ لا عدد أولى من عدد. والثاني باطل أيضا؛ لأنه إذا ثبتت له صفة بكونه متكلما من دون إيجاد هذه الحروف كان ثبوتها له مع وجودها أحق؛ لأن وجود هذه الحروف هو حقيقة في حصول المتكلمية وأصل في معقولها، فإذا ثبتت مع عدمها فثبوتها مع وجودها أولى.

Halaman 250