وهو واسع وكلها مبني. قيل هذه أسماء لا أصل لها في الإعراب فلما حقرت لم تنجذب إلى تمكن المعرب فاحتمل التحقير مع بنائها كما يحتمل في وصفها نحو: مررت بهذا العاقل، وبالذي في الدار الظريف. والتحقير ضرب من الوصف يعرض للاسم. قال أبو علي: ألا ترى إ، فائدة قولك: مررت بدويرة، وهو فائدة قولك: مررت بدار صغيرة. وليس كذلك " قبلُ " و" بعد " و" تحت " من قبل أن هذه أسماء معربة الأصول في نحو: جئت قبلك ومن قبلك وبعدك ومن بعدِك، وصار تحتك ومن تحتِك. وإنما بُنيت في بعض المواضع لشبه ما من شبه الحرف عارضها، فلما كان أصلها الإعراب وكثر به الاستعمال كرهوا أن يدخلها التحقير وهو من خواص الاسم فيقوي فيها من قوة الاسمية، وأن يصيروها إلى ضعف الحرف ببنائها لأن ما فيها من قوة الاسمية أنهضها وجذب بصبعها عن ضعف الحرفية فلذلك قَلَّ البناء في محقرها لتدافع الأمرين. وإنما جاز بعد ذلك البناء لأن المحقر في كثير من المواضع مراعى في حكم المكبر، ألا ترى إنك تقول في تحقير " مقام ": مُقيِّم بالإعلال لا غير؛ لاعتلال مكبره، وتقول في " مِقْوَد ": مُقَيْوِد، فتصحه لصحة مكبره. فكما جاز تحقير " قبلُ " و" بعدُ " معربين كذلك جاز تحقيرهما - وأنْ قَلَّ - مبنية. هذا وجه جواز هذا، وذلك وجه امتناعه، فلذلك تعدَّل الأمر فيهما أو كاد.
وقال عبد مناف بن ربع الجربي أيضا " من الطويل ":
أَلا ليتَ جَيْشَ العَيْر لاقوا كتيبةً ... ثلاثين منا ضَرْعَ ذاتِ الحفائِلِ
" الحفائل " يجوز في القياس همزه من وجه وترك همزه من آخر،
1 / 59