الظرف فرفع أن كما يرفعها الظرف في قولك: " في غالب ظني أنك منطلق " فإن قلت فلعل موضع " أنَ " نصب بالفعل الذي هو " حقا " مصدره كأنه قال: أتحقون حقا أنكم قتلتم. قيل هذا فاسد، وذلك أن حقا هذه قد أزيلت عن أصلها فأصيرت إلى أحكام الظرف. والدليل على رفض ذلك الأصل والمصير إلى حكم هذا الفرع ما انشده أبو زيد " من الطويل ":
أحقًا بني أبناء سلمى بن جندل ... تهدّدّكم إياي وسْطَ المجالسِ
فارتفاع " تهددكم " به يزيل عنك هذه الشبهة في بابه.
وفيها:
وَرَدْناه بأسيافٍ حِدَادٍ ... خَرَجْنَ قُبيلُ من عِنْدِ القُيوِن
قلما يستعمل البناؤ على الضم في " قبلُ " و" بعدُ " وهما مصغرتان، واكثر ما يأتي البناء فيهما مكبرتين. وعلة ذلك عندي أن بناءهما يلحقهما بضعف الحرف، وتحقيرهما يبقى عليهما قوة الاسم فتنافت الحالان فَقَلَّ لذلك جمعهما. ومما جاء محقرا من ذلك ما أنشدناه محمد بن علي عن أبي إسحاق للشنفري " من الطويل ":
إذا وردت أصدرتها ثم إنها ... تنوب فتأتي من تُحيتُ ومن عَلُ
فأن قلت قد اتسع عنهم تحقير المبنى وذلك في الأسماء الموصولة وأسماء الإشارة نحو قولهم في تحقير ذا: ذيّا، وفي تا: تّيا، وفي الذي: اللذيّا، وفي التي: اللتيا، وفي أُلا: أُليا، وفي أولاء: أُليَاء،
1 / 58