ولكن مع مرور الزمن حينما دبّ الضعف في الأمة وشاع التساهل في الضبط، وكثر في الشيوخ من يقل تحقيقه، واضطَرَّ أهلُ العلم إلى الأخذ من الكتب بدون سماع من الشيوخ فزع المحققون إلى ما يدفعون به الخطأَ والتحريفَ.
فمن ذلك تأليفهم كتب التراجم مرتَّبةً على حروف المعجم ثم على أبواب، لكل اسم، كما هو حال كتاب "التاريخ الكبير" للإِمام البخاري و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم و"كتاب الثقات" لابن حبان وغير ذلك، ولا شَكَّ أنّ تأليفهم بهذا النمط يدفع كثيرًا من التصحيف والتحريف.
ومن ذلك الضبط بالحروف والألفاظ كما يقال بالسين المهملة أو بالشين المعجمة، وغير ذلك، وهذا عند القدماء قليل، كثر هذا في مؤلفات بعض المتأخرين كما في "مشارق الأنوار" للقاضي عياض، و"وفيات الأعيان" لابن خلكان، و"تكملة المنذري"، و"الكامل" لابن الأثير و"الوافي بالوفيات" للصَّفَدي و"الإِصابة" و"تقريب التهذيب" كلاهما للحافظ ابن حجر وغير ذلك.
ومن ذلك، وهو أجلها وأنفعها تأليف الكتب في هذا الموضوع خاصة، وهو ضبط ما يخشى الخطأ والتحريف فيه.
وكثر الخطأ في الأسماء التي توجد أسماء أخرى تشبهها، وقد نقل السخاوي عن ابن المديني قوله: أشدّ التصحيف ما يقع في الأسماء، وقال: ووجّهه بعضهم بأنه شيء لا يدخله القياس، ولا قبله شيء يدل عليه ولا بعده (^١).
_________
(^١) فتح المغيث ٣/ ٢١٣.
1 / 6