عياض نقل في كتابه "الإِلماع" عن أبي عَلِيّ الحافظ أنه قال: روى عن عبد الله بن إدريس الكوفي أنه قال: لما حَدَّثني شعبة بحديث أبي الحوراء السعدي عن الحسن بن عَلِيّ كتب أسفله "حور عين" لئلا أغلط يعني فيقرأه "أبو الجوزاء" لشبهه به في الخط. انتهى (^١).
ومن أعجب أخبار أئمتنا في حرصهم على الضبط والإِتقان أنّ بعضَهم يترك الأخذ عمن لم يضبط، ويقع في الخطأ والتحريف، ما نقله العسكري في كتابيه عن أبي عبيد الآجُرِّي قال سمعت أبا داود السجستاني يقول: قال لي أحمد بن صالح المصري: قال سلامة بن رَوْح الأيلي في حديث السقيفة .. إلّا كانا "بعرة (^٢) أن يفيلا" تصحيف "تغرّة أن يقتلا" قال أبو داود: وكان أحمد بن صالح قد كتب عنه خمسين ألف حديث فتركه (^٣).
ألا ترى ما حكاه الحافظ السيوطي فقال: قيل: إنّ النصارى كفروا بلفظة أخطأوا في إعجامها وشكلها، قال الله في الإِنجيل لعيسى ﵇: "أنت نَبِيّي ولَّدتُّك من البَتُول" فَصَحَّفوها وقالوا: "أنت بُنَيِّيّ ولَدْتُّك من البَتُول" مخففًا، وقيل: أوّل فتنة وقعت في الإِسلام سببها ذلك أيضًا وهى فتنة عثمان ﵁، فإنه كتب للذي أرسله أميرًا إلى مصر: إذا جاءكم فاقْبَلوه، فصحّفوها: فاقتلوه، فجرى ما جرى (^٤).
_________
(^١) الإِلماع ص ١٥٥ وانظر كذلك تدريب الراوي ٢/ ٦٧.
(^٢) في شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف "بعده أن يقتلا" بدل "وبعرة أن يفيلا".
(^٣) شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف ص ١٧ وتصحيفات المحدثين ١/ ١٧ - ١٨ قلت: والحديث أخرجه البخاري كما في فتح الباري ٨/ ٢١٠ وعبد الرزاق في مصنفه ٥/ ٤٤٥ والخطابي في غريبه ٢/ ١٢٣ بألفاظ متقاربة وشرح الحافظ ابن حجر والخطابي هذا الحديث في كتابيهما شرحًا وافيًا.
(^٤) تدريب الراوي ٢/ ٦٨.
1 / 5