وشماتة الحساد بالمرصاد
وقيل: هو الفرقة والقطيعة، نعوذ بالله العظيم منهما، يقال: قطع الأوصال أيسر من قطع الوصال.
قوله عز وجل: { واعف عنا واغفر لنا وارحمنآ }؛ أي تجاوز عن تقصيرنا وذنوبنا ولا تفضحنا { وارحمنآ }؛ فإننا لا ننال العمل بطاعتك إلا بمعونتك، ولا نترك المعصية إلا برحمتك. وقيل: معنى: { واعف عنا } أي اترك عنا العقوبة، ومعنى العفو: الترك. وقوله تعالى: { واغفر لنا } أي استر لنا ذنوبنا وعيوبنا، { وارحمنآ } أي أنعم علينا بالجنة والثواب، وقيل: معنى الآية: { واعف عنا } من المسخ { واغفر لنا } من الخسف { وارحمنآ } من الغرق؛ أي لا تفعل بنا ما فعلت ببعض من تقدمنا من الأمم. وقيل: معناه: { واعف عنا } الصغائر { واغفر لنا } الكبائر { وارحمنآ } بتثقيل الميزان. وقيل: معناه: { واعف عنا } في سكرات الموت { واغفر لنا } في ظلمة القبور { وارحمنآ } في أهوال القيامة.
قوله تعالى: { أنت مولنا فانصرنا على القوم الكافرين }؛ أنت ولينا وناصرنا ومتولي أمورنا، { فانصرنا على القوم الكافرين } أي أعنا عليهم في إقامة الحجة وإظهار الدين كما وعدتنا.
روي عن عبدالله بن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم
" لما قرأ { غفرانك ربنا وإليك المصير } قال قد غفرت لكم، فلما قرأ: { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينآ أو أخطأنا } قال: لا أؤاخذكم، فلما قرأ { ربنا ولا تحمل علينآ إصرا كما حملته على الذين من قبلنا } ، قال: لا أحمل عليكم، فلما قرأ { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به } قال: لا أحملكم، فلما قرأ { واعف عنا واغفر لنا وارحمنآ أنت مولنا فانصرنا على القوم الكافرين }. قال: قد عفوت عنكم؛ وغفرت لكم؛ ورحمتكم؛ ونصرتكم على القوم الكافرين ".
وكان معاذ بن جبل إذا ختم هذه السورة، قال: (آمين).
وعن الحسن والضحاك ومجاهد وجماعة من المفسرين: أن قوله تعالى: { ءامن الرسول... } إلى آخر السورة كان في قصة المعراج؛ قالوا:
" لما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى سدرة المنتهى قال له جبريل: إني لم أجاوز هذا المكان، ولم يؤمر أحد بالمجاوزة غيرك، فامض أنت. قال النبي صلى الله عليه وسلم: " فمضيت حتى انتهيت إلى ما أراد الله تعالى " فأشار جبريل عليه السلام أن سلم على ربك، فقلت: " التحيات لله والصلوات والطيبات " فقال الله عز وجل: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. قال النبي صلى الله عليه وسلم: فأحببت أن يكون لأمتي حظ في السلام، فقلت: " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " فقال جبريل وأهل السماوات كلهم: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. فقال الله تعالى: { ءامن الرسول بمآ أنزل إليه من ربه }. فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يشرك أمته في الكرامة والفضيلة؛ فقال صلى الله عليه وسلم: { والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله } الآية، قال الله تعالى: { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } الآية، فقال جبريل عليه السلام عند ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم: سل تعط، فقال صلى الله عليه وسلم: { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينآ أو أخطأنا } إلى آخر السورة. فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوحى الله إليه بهذه الآيات ليعلم أمته بذلك أو يعلمهم كيف يدعون الله تعالى " ".
وقد تقدم فضل السورة والله الموفق.
Halaman tidak diketahui