قوله عز وجل: { ربنا ولا تحمل علينآ إصرا كما حملته على الذين من قبلنا }؛ أي لا تحمل علينا ثقلا؛ ويقال: عهدا؛ كما حملته على بني إسرائيل بجرم منهم أمرتهم بقتل بعضهم بعضا؛ وحرمت عليهم الطيبات بظلمهم، وكما كانوا مأمورين بأداء ربع أموالهم في الزكاة ونحو ذلك من الأمور التي كانت تثقل عليهم. ومنه قوله تعالى:
وأخذتم على ذلكم إصري
[آل عمران: 81] أي عهدي.
قوله تعالى: { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به }؛ أي لا تحملنا ما يشق علينا من الأعمال، وهذا كما يقال: لا أطيق كلام فلان، ولا أطيق هذا الأمر؛ أي لا أحمله إلا بمشقة.
هذا هو معنى الآية؛ لأن الله تعالى لا يكلف أحدا شيئا لا يكون ذلك في قدرته. وقيل: معناه: { ما لا طاقة لنا به } من العذاب، وقيل: هو حديث النفس والوسوسة. وعن مكحول أنه (الغلمة). وعن بعضهم أنه كان يقول: اللهم أعذني وإخوتي من شر الغلمة، فإنها ربما جرت إلى جهنم. وقال ابن عبدالوهاب: (يعني العشق). وعن إبراهيم في قوله تعالى: { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به }: قال يعقوب: (يعني الحب).
وقال بعضهم: حضرت ذا النون المصري في مجلس له، فتكلم ذلك اليوم في محبة الله عز وجل، فمات أحد عشر نفسا في المجلس؛ فصاح رجل من المريدين فقال: ذكرت محبة الله، فاذكر محبة المخلوقين. فتأوه ذو النون تأوها شديدا وشق قميصه نصفين، وقال: آه.. علقت رهونهم؛ واستعبرت عيونهم؛ وخالفوا السهاد؛ وفارقوا الرقاد؛ فليلهم طويل؛ ونومهم قليل؛ أحزانهم لا تتغير؛ وهمومهم لا تفقد؛ باكية عيونهم؛ قريحة جفونهم.
وقال يحيى بن معاذ: (لو كانت العقوبة بيدي يوم القيامة لما عذبت العشاق؛ لأن ذنوبهم اضطرار لا اختيار). وقال بعضهم: { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به } يعني شماتة الأعداء؛ قال الشاعر:
كل المصائب قد تمر على الفتى
فتهون غير شماتة الحساد
إن المصائب تنقضي أيامها
Halaman tidak diketahui