322

Tafsir Al-Uthaymeen: Stories

تفسير العثيمين: القصص

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

كالحُرَّاس، وآخَرُ لَهْوُه بالليل، كأصحاب البَطَالة الذين ينامون النهار، ويسهرون الليل، ولكن وجود المعلول إِذَا كَانَتِ العلة غائيةً، فلَا يَلْزَمُ مِنْهُ وجودُ العلةِ، كَمَا لَوْ قُلْتُ: قدَّمْتُ لك هذه البعير لتركب عليه، فقَدْ تركب، وَقَدْ لَا تركب، أو أعطيتُك القَلمَ لِتكتبَ به، فربما تكتب، وربما لَا تَكْتُبُ.
وقوله تعالى: ﴿لِتَسْكُنُوا فِيهِ﴾ أي: فِي اللَّيْلِ، يعني: تستريحون، ﴿وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾ تبتغوا، أي: تطلُبون، وقوله: ﴿مِنْ فَضْلِهِ﴾ أي: مِن عطائه ورزقِه.
وَفِي الآيَةِ هنا ترتيب ولَفٌّ ونَشْرٌ مُرَتَّب، فقد بدأ بالليل، وقَدَّمَ منفعته السكون، وَهَذَا فِي اللَّيْلِ فِيهِ لَفٌّ ونَشْرٌ مُرَتَّب.
قَوْلُه تعالى: ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾: (لَعَلَّ) هَذِهِ للتَّعلِيل، أَوْ لِأَجْلِ أَنْ تشكُروا اللَّهَ ﷾ عَلَى نِعْمَتِهِ، فهنا ذَكَرَ اللَّهُ ﷾ العِلَّتيْن: الشرعية والقدَرية، أمَّا القدَرية، فَهِيَ فِي قَوْلِهِ: ﴿لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾، والعِلَّة الشَّرْعِيَّةُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، أي: تشكرون اللَّهَ ﷾ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنْ تعاقُب اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ؛ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ تَتبَيَّن بِضدِّها، وَلَوْ كَانَ اللَّيْلُ سَرْمَدًا، والنهار سَرْمَدًا، ما استراح أحدٌ بِلَيْلٍ، ولا ابتغى الفضل بالنهار، ولكنَّ اللَّهَ ﷾ جَعلَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الراحة، مَعَ أَنَّ هُنَاكَ فوائدَ أُخْرَى غَيْرَ ذَلِكَ ذَكَرَهَا فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ، قَالَ تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾ [الفرقان: ٦٢]، وَفِي الحَدِيثِ الصَّحِيح: "إِنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، وَبِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ" (^١).

(^١) أخرجه مسلم: كتاب التوبة، باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة، رقم (٢٧٥٩).

1 / 326