321

Tafsir Al-Uthaymeen: Stories

تفسير العثيمين: القصص

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

فإذن: دَلالة الْعَقْلِ عَلَى الرَّحمَة أَقْوَى مِن دَلَالَتِهِ عَلَى الْإِرَادَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ هم يثبِتون الإرادة، ولا يثبتون الرَّحمَة، فهنا يقولون: مِنْ رَحْمَتِهِ أي: مِن إنعامه.
قَوله تعالى: ﴿وَمِنْ رَحْمَتِهِ﴾ مِن للسببية، ﴿رَحْمَتِهِ﴾ هي صِفَتُه الَّتِي اتصف بها أزلًا وأبدًا، قَالَ تعالى: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١]، وقرَن رُبوبيته بِذَلِكَ فَقَالَ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [لفاتحة: ٢]، ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ٣]، إِشَارَةً إِلَى أَنَّ هَذِهِ الرُّبوبية كُلَّها رُبوبيةُ رحمةٍ، لَا رُبُوبِيَّة انتقامٍ وغِلظةٍ، فكيف نُنكِر هَذِهِ الصِّفَةَ العظيمةَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ، ونُثْبِتُ مَا هُوَ دُونها؟ ! وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَنَاقُض المُعَطِّلين مِن الأشعرية والمعتزلة وغيرِهم؛ لأنهم يتناقضون فيُثبتون للَّه مِنَ الصِّفَاتِ ما يدُّل الْعَقْلُ عَلَى إِثْبَاتِ مَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ، ويُنكرون مِنَ الصِّفَاتِ مَا يَدُلُّ الْعَقْلُ عَلَى إِثْبَاتِهَا.
قَوْلُه تعالى: ﴿جَعَلَ لَكُمُ﴾، بمعنى: خَلَق، وليست بِمَعْنَى صَيَّرَ، وَلِهَذَا لَمْ تنصب مفعولين.
قَوْلُه تعالى: ﴿جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ أي: ليلٌ ونهارٌ يتعاقَبان بَيْنَكُمْ عَلَى النَّاسِ.
قَوْلُه تعالى: ﴿لِتَسْكُنُوا فِيهِ﴾ قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [فِي اللَّيْلِ، ﴿وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾ فِي النَّهَارِ مِنْ كَسْبٍ].
قوله: ﴿لِتَسْكُنُوا فِيهِ﴾ اللام للتَّعلِيل، أي: لِأَجْلِ أَنْ تَسكنوا فيه، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ المعلول وُجُودِ الْعِلَّةِ إِذَا لَمْ تَكُنِ العلة مؤثِّرة، مِثْلَ قَوْلِهِ: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]، فهَذِهِ عِلَّةٌ غائيَّة، والعِلة الغائيَّة لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ المعلولِ وجودُها، فَلَا يَلْزَمُ مِنَ الخَلق وُجود العبادة.
فمَثلًا: قد يَكُونُ هُنَاكَ بَعْضُ النَّاسِ لَا يسكنون فِي اللَّيْلِ، فرَجُل مَعاشُه بالليل

1 / 325