Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Penerbit
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٦ هـ
Lokasi Penerbit
المملكة العربية السعودية
Genre-genre
أوْ بالعكْس فَفي ذَلِكَ اليَومِ لَا يُوجَدُ اجتِماعٌ إلا إِذا كَانُوا عَلَى الحقِّ، وَهَذا لا يَشْمَلُ المؤْمِنينَ؛ لأَنَّ المؤْمِنينَ تَفرُّقُهم إِلَى جِهَةٍ واحِدَةٍ، وَهذا قَال: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ فجَعلَهُم قِسْمَيْنِ: إمَّا في منَازِلهِم في الجنَّةِ، كُلٌّ في منْزِلَتِه لكِنْ في عَرُصاتِ القيَامَةِ يَكُونُ فَرِيقُ المؤْمِنينَ جَمِيعًا، وفَرِيقُ الكفَّارِ جَمِيعًا.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل كُلُّ إِنْسَانِ مستقِلٌّ بنفْسِه حتَّى ولَوْ كانَ مُؤْمِنًا؟
قُلْنَا: هَذا لَيْسَ بظَاهِرٍ؛ لأَنَّ قوْلَه ﷾: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾، وقولَه: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يقْتَضِي أنَّ المقْصُودَ تفرَّقُ الجِنْس ينْقَسِمُونَ مثْلَ مَا قَالَ الله تَعالَى: ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾ [الشورى: ٧].
الفائدة الرابعة: إثْبَات الجزَاءِ، لقوْلِه تَعالَى: ﴿فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ﴾، وقوْلِه تَعالَى: ﴿فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ﴾.
الفائِدتَانِ الخامِسَةُ والسّادِسَةُ: فضِيلَةُ الإِيمَان والعمَلِ الصّالح؛ حيْثُ كانَ جَزاؤُه مَا ذَكر والتّحْذِيرُ مِنَ الكفْر، حيْثُ كَان جَزاؤُه مَا ذَكر أيْضًا.
الفائدة السابعة: أنَّ الإِيمَان والعمل يتَّفِقانِ إِذا افْتَرقَا ويَخْتلِفانِ إِذا اجتْمَعا، فعَلى هَذا يكُونُ كُلٌّ منْهُما بمَعْنَى الآخر عنْدَ الانْفِرادِ، ويخْتَلِفُ كلٌّ منْهُما عَنِ الآخر عنْدَ الاجْتِماعِ.
الفائِدتَانِ الثّامِنةُ والتّاسِعةُ: أنَّ العمَل لا ينْفَعُ إلا إِذا كَان صَالحًا، لقوْلِه تَعالَى: ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾، وحيْثُ إِنَّنا فسَّرْنا الصّالح بأنَّه مَا اجْتَمع فِيه الإِخْلاص والمتابَعَةُ يُسْتَفادُ مِنْهُ أنَّ العمَل الَّذي فِيه الشّرْكُ لَا ينْفَعُ صاحِبَهُ، وَهَذا واضِحٌ، وِفي
1 / 83