Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Penerbit
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٦ هـ
Lokasi Penerbit
المملكة العربية السعودية
Genre-genre
لَو قَالُوا لِلنَّاس: افْعَلُوا كَذا أوْ لَا تفْعَلُوا كَذا بدُونِ ترْهِيبٍ ولَا ترْغِيبٍ مَا أطَاعَهُم النّاسُ، فكَانُوا يقُولونَ لِلنَّاسِ: إِنَّ لكُم ربًّا عظِيمًا وإلهًا قادِرًا، وإِنَّ لكُم معادًا يَكُونُ فِيه الجنَّة أوِ النَّارُ، والأمْرُ ليْسَ كَذَلِكَ عنْدَهُم، يعْنِي إِنَّما ذَكَرُوا ذَلِك مِنْ أجْلِ إِقَامَةِ النّاسِ عَلَى الطّريقِ التي سَنُّوها لهم، وَهَذا معْنَاهُ الكفْر بالبعْثِ وَبِالرّسالَةِ وحتَّى بأنفُسِهم؛ لأَنَّ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ باللهِ ﷿ فقَدْ كَفَر أوَّلَ مَا كَفَر بنَفْسِه؛ لأنهُ أنْكَرُ أنْ يكُونَ لَه خالقٌ.
قوْله تَعالَى: ﴿فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ﴾: أعُوذُ باللهِ، المرَادُ بِالعذَابِ هُنَا العقوبَةُ، وجَعل العذابَ ظرْفًا لهم لأنَّهُ محِيطٌ بِهِمْ مِن كُلِّ جانِبٍ، كَما قَالَ الله تَعالَى: ﴿يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ [العنكبوت: ٥٥].
وقوْله تَعالَى: ﴿مُحْضَرُونَ﴾ مِن الإحْضَارِ أحْضَرْتُه، بمَعْنى: جعَلْتُه يَحْضُر هَذا الشّيْءَ، فهَؤُلاءِ محُضرُونَ في العذابِ بدُونِ اخْتِيارِهِمْ، لَوْ رَجع الأمْرُ إِلَى أنْفُسِهم مَا حَضَرُوا، لكِنَّهم يُحْضَرونَ فِيه كَرْهًا.
من فوائد الآيتين الكريمتين:
الفائدة الأولى: إثْبَات القيَامَةِ؛ لقوْلِه تَعالَى: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ﴾.
الفائدة الثانية: أنَّه في ذَلِك اليَومِ يتفَرَّقُ النّاسُ إِلَى فَريقَيْنِ: فَريقٌ في الجنَّةِ، وفَريقٌ في السّعِيرِ.
الفائدة الثالثة: أنَّ الآباءَ مَع أوْلادِهِم والأمَّهاتِ مَع أوْلَادِهم إِذا كانَ أحَدُهم كافِرًا والثّاني مُؤْمِنًا يتَفرَّقونَ، ولَا يُمْكِنُ أنْ يُنْقِذَ أحَدٌ أحدًا في ذَلِك اليَوْمِ لِعُمُوم قوْله تَعالَى: ﴿يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا﴾، ولم يَسْتَثْنِ الأوْلادَ مَع والدِيهم
1 / 82