وقوله: ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾: يعني عملوا الأعمال الصالحات، فالصالحات: صفة لموصوف محذوف، والتقدير: الأعمال الصالحات، فمتى يكون العمل صالحًا؟ يكون العمل صالحًا إذا تضمن أمرين: الأول: الإخلاص لله، والثاني: المتابعة لشريعة الله، سواء كان من أمة محمد أو من الأمم السابقة.
فلا بد من أمرين: الأول: الإخلاص لله ﷿؛ لأن العبادة حق لله وحده فلا يجوز أن تشرك بها معه غيره، وللأدلة الكثيرة الدالة على وجوب الإخلاص لله تعالى في العبادة كما في قوله: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ [الزمر: ٢]، وأيضًا قوله: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥]، وقوله ﷺ: "من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله" (^١) والنصوص في هذا كثيرة.
أما المتابعة: فلأن النبي ﷺ قال: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد" (^٢) فأيُّ عمل ليس عليه أمر الله ورسوله من عبادات أو معاملات فإنه مردود على صاحبه، إذًا: لا بد أن يكون العمل عليه أمر الله ورسوله.
ولا تتحقق المتابعة إلا إذا وافق العملُ الشريعة في أمور ستة؛ الأول: السبب، والثاني: الجنس، والثالث: النوع، أو الكيفية والتعبير بالكيفية أوضح، والرابع: القَدْر، والخامس: المكان، والسادس: الزمان، فلا بد أن تكون الموافقة للشريعة في هذه الأمور الستة.
(^١) تقدم ص ١١٧ في حديث: "إنما الأعمال بالنيات .. ".
(^٢) تقدم ص ١١٠.