120

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab

تفسير العثيمين: الأحزاب

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

ماذا يَحدُث من عَبدِه، لو حصَل لهم ما يَحصُل به هذا القَصدُ، بل إنه ﷾ يَعلَم أَبْلَغَ من ذلك، قال عن الذين يَقولون: إنهم لو رُدُّوا إلى الدُّنْيا لعمِلوا صالِحًا، قال تعالى: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ﴾ [الأنعام: ٢٨]، لأنه ﷾ يَعلَم ما في قَلْب الإنسان. وقوله تعالى: ﴿لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا﴾: ﴿تَلَبَّثُوا﴾ بمَعنَى: تَريَّثوا، يَعنِي: لا يَترَّيثُون في إعطاءِ الفِتْنة وقَبُولها إلَّا يَسيرًا. وقوله تعالى: ﴿إِلَّا يَسِيرًا﴾ قيل: إن هذا بمَعنَى: إلَّا عدَمًا؛ لأن اليَسير والقليل قد يُراد به العدَمُ، وقال بعضهم: ﴿إِلَّا يَسِيرًا﴾ أي: إلَّا قليلًا على وجه الحقيقةِ، وهذا الزمَنُ اليَسيرُ هو ما بين السُّؤال والجواب، يَعنِي: ما بين أن يُسأَل ثُمَّ يُجيب، هذه المَسافة من المُدَّة قَصيرة جِدًّا، وهي كالمَسافة التي بين قول القائِل: بِعْتُك هذا الشيءَ. فتقول المُشتَرِي: قبِلْتُ. يَعنِي: أنهم -والعِياذُ باللَّه- لا يَتَلبَّثون ولا يَتَريَّثون أبدًا، بل يَقبَلون فَوْرًا، فليس بين قَبولهم وسُؤال فِتْنة إلَّا ما بين مُدَّتَي السؤال والجواب. وفي الحقيقة أنَّ هذه المُدَّةَ قصيرةٌ كالعدَمِ؛ ولهذا فُسِّر قوله ﷾: ﴿إِلَّا يَسِيرًا﴾ يَعنِي: إلَّا عدَمًا ﴿وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا﴾. من فوائد الآية الكريمة: الْفَائِدَة الأُولَى: أن المُنافِقين أشَدُّ الناس ذُعْرًا، لِقَوله تعالى: ﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا﴾؛ لأنَّ عِندهم ذُعْرًا من هؤلاء الذين دخَلوا من أَقطارها. الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: قُرْب المُنافِقين من الكُفْر والشِّرْك، لقوله ﷾: ﴿سُئِلُوا

1 / 125