119

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab

تفسير العثيمين: الأحزاب

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

في المَعنَى- الذي دخَل المدينة من أَقطارها. فلو سأَلَهم هذا الداخِلُ الفِتْنة يَقول المُفَسِّر ﵀: [الشِّرْكَ]، والدليل على أن الفِتْنة بمَعنى الشِّرْك قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٣]، هذا يَكون شِرْكًا؛ وقال الإمامُ أحمَدُ ﵀ في قوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ﴾ [النور: ٦٣]، قال: "أَتَدْرِي ما الفِتْنة؟ الفِتْنة: الشِّرْك" (^١). فهؤلاء لو دُخِلت عليهم المدينة لَمْ يَكُن عندهم إخلاصٌ في الإسلام وبَقاءٌ علَيه فبمُجرَّد ما يَسأَلهُم الداخِلون الكُفْر يُوَافِقون عليه؛ لأنهم قَوْلم لا يُريدون إلَّا الدنيا فقط، يُريدون أن يَعيشوا في الدنيا ولو عِيشةَ الحِمار! أمَّا أن يَعيشوا عِيشة المُؤمِنين فإنهم لا يُريدون هذا. ولذلك يَقول: "لَآتَوْهَا" هذا المَدُّ، والفَرْق بينهما أن (أتَى) بمعنى: جاء، و(آتَى) بمعنى: أَعطَى، وتفسيرُ القِراءَتَيْن أو مجموع التَّفسير يَدُلُّ على أنَّهم يُعطُون ما سُئِلوا، ويَأتون إليه بانقِياد، يَعنِي: أتَى الشيءَ يَعنِي: جاءَهُ باختياره، وآتاه بمَعنى: أَعطاه ولو عن كُرهٍ، ولكن مع ذلك هَؤلاء قَوْم يُعطُون ما سُئِلوا عن اختيار؛ ولهذا في القِراءة الثانية: ﴿لَآتَوْهَا﴾ لجاؤُوها. فصار هَؤلاء القومُ الذين يَستَأْذِنون النبيَّ ﷺ بحُجَّة أن بُيوتَهم عَورةٌ صار الأَمْر خِلافَ ما قالوا؛ لأن اللَّه تعالى أَخبَر عنهم، وهو ﷿ أَعلَمُ بما في قُلُوبهم، وهذا مِنِ اطِّلاع اللَّه تعالى على ما في القُلوب، أَخبَر عن أَمْر مُستَقبَل لم يَقَع، يَصدُر من قَوْم لا نَعلَم نحن ما في قُلوبهم ولكن اللَّه تعالى يَعلَم؛ واللَّهُ ﷾ يَعلَم

(^١) أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى رقم (٩٧)، وذكره ابن تيمية في الصارم المسلول (ص: ٥٦).

1 / 124