319

Tafsir Raghib Isbahani

تفسير الراغب الأصفهاني

Editor

د. هند بنت محمد بن زاهد سردار

Penerbit

كلية الدعوة وأصول الدين

Lokasi Penerbit

جامعة أم القرى

Wilayah-wilayah
Iran
Empayar
Seljuk
الحقيقة فإن من أسره الرحمن فاستأسر له فهو الحر المطلق عن عبادة غيره، وقد قيل: " لن تكون عبدا لله حقًا حتى لا تكون لما دونه مسترقا "، وإلى ذلك أشار بقوله: ﴿وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ وروي أن [إبراهيم ﵇] لما طلب الخلة من الله أوحى إليه فقال: (من طلبني أبليته)، فقال: إذا نلتُ الخلة لم أبال بالبلية، فلما أتى عليه حول قال: (من أحبني قتلته)، فقال: " إذا انتهيت في الخلة لم أبال بقتل الدنيا "، وقوله " أسلمت " مبني في المعنى على الأول وكأنه موعد منه أنه متأهب لما يراد منه، وقد حثنا الله تعالى علي الاقتداء به في الاستسلام له والاستفادة منه الشرف الكبير جزاء بذلك ...
قوله- ﷿:
﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾
الآية (١٣٢) - سورة البقرة.
الوصية: التقدم إلى الغير بما يعمل به مقترنًا بوعظ واشتقاقه من وصاه أي وصله، ومضاده قصاه أي فصله، وقوله: [بها] أي بالملة، وقيل بالكلمة التي دل عليها قوله: " أسلمت "، وكلاهما غير منفك من الآخر، إذ كانت هذه الكلمة من جملة الملة، والملة مقتضية لهذه الكلمة، فبين تعالى أن إبراهيم وصى بنيه، ووضع يعقوب بنيه أيضا بها كما أوصى إبراهيم، وقال: (إن الله اصطفى لكم الدين) أي دين إبراهيم، فحذف القول لتضمن الوصية لذلك، وحث على الإسلام، أي أسلموا قبل أن تموتوا، وليس ذلك نهيا عن الموت، وإنما هو حث على الإسلام المتقدم ذكره فهو الذي يفيد الحياة الأبدية المذكورة في قوله: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾

1 / 319