تصدون عمن لو تيقن أنه ... صدود انقطاعٍ عنكم لتقطعا
قال آخر:
أما في صروف الدهر أنْ يرجعَ الهوى ... ومذ مل العرب يومًا من البعد
بلى في صروف الدهر كل الذي أرى ... ولكنما أغفلنَ حظي على عمدِ
قال العباس بن الأحنف:
لو كنتِ عاتبةً لسكنَ لوعتي ... أملي رضاكِ وزرتُ غير مراقبِ
لكنْ مللتِ فلم تكن لي حيلةٌ ... صدُّ الملولِ خلافُ صد العاتبِ
قال آخر:
ألا إنَّ قولُ القائلين بأنه ... تجازى قلوبُ العاشقين لباطلُ
فما بالُ قلبي كالجناحِ خفوقه ... وقلبكَ عما فيه قلبي غافلُ
قال آخر:
تعللني بالوعد حتى كأنني ... مزارعُ كمون تعلل بالوعدِ
وبي منك ما لو كان بالصخرة هده ... وبالوجد ذابَ الوجدُ من شدة الوجدِ
قال آخر:
سأكتمُ حبها بالغيبِ ما لم ... ينمَّ به التنفس والدموعُ
وما من ساعةٍ إلا لسلمى ... وإنْ بخلتْ إلى نفسي شفيعُ
قال آخر:
يا من تشاغلتِ العيونُ بوجنتيهِ عن الرياضِ
فتنزهتْ فيما رأيهُ عن التوردِ والبياضِ
إنْ كنت ترضى بالصدودِ فإنني بالصدِّ راض
إلى هنا أنشده ابن فارس في حماسته قال جميل بن عبد الله بن معمر:
علقت الهوى منها وليدًا فلم يزلْ ... إلى اليوم ينمي حبها ويزيدُ
وأفنيتُ عمري في انتظار نوالها ... وأبلى هواها الدهر وهو جديدُ
فما أنا مردودٌ بما جئت طالبًا ... ولا حبها فيما يبيدُ يبيدُ
ويحسبُ نسوانٌ من الحيِّ أنني ... إذا جئتُ إياهنَّ كنتُ أريدُ
فأقسم طرفي بينهنَّ فيستوي ... وفي الصدر بونٌ بينهنَّ بعيدُ
يموت الهوى مني إذا ما أتيتها ... ويحيا إذا فارقتها فيعودُ
قال أيضًا:
خليلي فيما عشتما هل رأيتما ... قتيلًا بكى من حب قاتلهِ قلبي
وإنْ قربتْ لم ينفع القربُ عندها ... وإنْ بعدتْ زادتك خبلًا على خبلِ
قال غلام بن فزارة:
وأعرضُ حتى يحسب الناس إنما ... بي الهجرُ لا واللهِ ما بي لك الهجرُ
ولكن أروضُ النفس أنظر هلْ لها ... إذا فارقتْ يومًا أحبتها صبرُ
لغيره:
وإني لأستحيي كثيرًا وأتقي ... عيونًا وأستبقي المودة بالهجرِ
وأنذرُ بالهجران نفسي أروضها ... لأعلم عند الهجر هل لي من صبرِ
قال التوزي:
تقاضتك عيناك الدموع لنأيها ... كما يتقاضاك الديونَ غريمُ
فلو كنتُ أدري إن ما كانَ كائنًا ... هجرتك أيام الفؤاد سليمُ
ولكن حسبتُ الهجر شيئًا أطيقه ... وما كانَ لي فيما حسبتُ عزيمُ
قال الزبير بن بكار:
خشيتُ عليها من طولِ وصالها ... فهاجرتها يومين خوفًا من الهجرِ
وما كانَ هجراني لها من ملالة ... ولكنني جربتُ نفسي على الصبرِ
لغيره:
ولي نظرةٌ بعد الصدود من الجوى ... كنظرة ثكلى قد أصيب وحيدها
ولو أنَّ ما أبقيت مني معلق ... بعود ثمامٍ ما تأودَ عودها
لبعض الأعراب:
إذا جئتُ أشكو الحبَّ قالت أما ترى ... مكان الثريا وهي منك بعيدُ
فقلتُ لها إنَّ الثريا وإن نأتْ ... على الناسِ قدمًا بالغمام تجودُ
الأعرابي:
يقولون لا تنزفْ دموعك بالبكا ... فقلتُ وهل للعاشقين دموعُ
تساقطُ نفسي أنفاسًا كلفًا بها ... وإنَّ سوى إن متُ وهي جميعُ
لآخر:
لعمركَ إني يومَ بانوا فلم أمتْ ... خفاتًا على آثارهم لصبورُ
غداةَ المنقى إذْ رميتُ بنظرة ... ونحن على متنِ الطريق نسيرُ
ففاضتْ دموعُ العين حتى كأنها ... بناظرها غصنٌ يراح مطيرُ
أهذا ولما بمضِ للبين ليلةٌ ... فكيف إذا مرتْ عليك شهورُ
وأصبح أعلامُ الأحبة دونها ... من الأرض غولٌ نازحٌ ومسيرُ
قال آخر:
لعمري لئن كنتم على النأي والغنى ... بكم مثل ما بي إنكم لصديقُ
فما ذقتُ طعم النوم منذ عرفتكم ... ولا ساغَ لي بين الجوانحِ ريقُ
إذا زفراتُ الحبَّ صعدنَ في الحشا ... كررنَ فلم تعرفْ لهنَّ طريقُ
لبعض الأعراب:
ألا قاتلَ اللهُ الهوى ما أشدهُ ... وأصرعه للمرء وهو جليدُ
1 / 50