Kotak Dunia
صندوق الدنيا
Genre-genre
قلت: ولكن التخليد معنى، أو إن شئت فقل إنه وهم وخيال تتعلق به النفس وتتعزى عن الفناء الذي تعلم أنه لا محالة مدركها، ولما كان كذلك، فرب نفس تكون أطلب له - بطبيعة استعدادها - من نواح أخرى غير الأبوة، وعلى طريقة غير طريقة التكرير والإعادة - إذا صح أن الأبناء صور معادة من الآباء، وهو غير صحيح، فما أظن بك إلا أنك ترى معي أن هذه الإعادة تكون إسرافا لا معنى له، وسفها لا تسوغه حكمة، وأخلق بالجيل الواحد من الناس أن يغني عن كل الأجيال التي تتلوه إذا كانت ستجيء مطابقة له غير مختلفة عنه، وما أحق الطبيعة في هذه الحالة بأن يحجر عليها.
قال: هذا كله صحيح، بل بديهي ...
قلت: أشكرك!
قال: عفوا. إنما أردت أن أسأل عن النتيجة؟
قلت: أريد أن أقول إن عاطفة الأبوة قد تكون في بعض النفوس أضعف منها في البعض الآخر.
قال وهو يبتسم: ما أراك جئت بجديد.
قلت: بل أريد أن أقول إن بعض الناس لا يصلحون أن يكونوا آباء أو بعبارة أخرى أنهم بطبيعة تكوينهم لا يستطيعون أن يخدموا «النوع» من هذا الطريق، وهؤلاء هم الذين نسميهم النوابغ، ونعني بهم طلاب المجد الأدبي أو الحربي أو العلمي، فكأن مساعيهم تستنفد حيويتهم وتردهم غير صالحين لغيرها، ومن هنا ما يلاحظ من عقمهم أو قلة نسلهم أو سرعة انقراضه على خلاف السواد الأعظم من الناس، وهذا السواد هو الذي يعمر الدنيا ويحفظ النوع الإنساني فيها. •••
والناس أكثرهم لا يفكرون، سألت مرة واحدا من إخواني: لماذا تحب أبناءك؟ فكان جوابه: إنهم بعضه وفلذة من كبده.
ألم يقل الشاعر:
وإنما أبناؤنا بيننا
Halaman tidak diketahui