والواقع أن صاحب رأس المال الصيني بالقياس إلى نظرائه الغربيين فقير ومن عداه من أبناء الشعب فقراء مدقعون، وإذا كان أغنياؤنا فقراء في العالم الواسع فالأمة الصينية أمة فقراء، وليس بينها غني كبير، وكل ما فيها فقر محتمل وفقر لا يطاق، فكيف السبيل إلى التسوية بينهم وإلى الخلاص من براثن الفقر الشديد؟
إن التغير الاجتماعي والتطورات في رأس المال تبدأ عادة من مالك الأرض إلى التاجر إلى صاحب المال، وقد نشأ ملاك الأرض من عهد الإقطاع، ويمكن أن يقال: إن أوروبة لم تملك بعد حريتها من النظم الإقطاعية في حين أن الصين قضت على نظام الإقطاع فيها من عهد أسرة شين.
وكان النبلاء الذين يحوزون الأرض هم الأغنياء حين كان عهد الإقطاع قائما، ومن لم يكن في حوزتهم أرض فهم فقراء، وقد مضى نحو ألفي سنة على انتهاء عهد الإقطاع في الصين، ولا تزال الحالة باقية كما كانت لقلة التقدم في أساليب الصناعة والتجارة. وخلت الصين من كبار الملاك، ولكنها لم تخل من الملاك الصغار، وسارت العلاقات في سلام بين الملاك الصغار وآحاد الشعب، إلى أن سرت تيارات الحياة الغربية إلى الصين في الزمن الأخير فسرى التغيير إلى كثير من النظم، وكانت مسألة الأرض أول ما أصابه التغيير من جراء اتصالنا بالبلاد الغربية، فشاعت المقامرة والمضاربة بالأرض وارتفعت هذه المضاربات بأثمان الأرض ارتفاعا لا يطمأن إليه.
إن الغربيين لم يهتدوا إلى طريقة يعالجون بها هذه الشرور التي تتعلق بالأرض، فإذا أردنا حل هذه المشكلة فلنبدأ الآن ولا ننتظر حتى يتقدم تطور التجارة والصناعة فلا يسلس لنا مقادها بعد ذاك.
واليوم والمؤثرات الغربية تتوالى وأحوال الصناعة والتجارة تدخل أطوارها المتجددة، ننظر حولنا فنرى التفاوت يتباعد بين ملاك الأرض كما يتباعد بين ذوي الأموال والفقراء، ووجهتنا من دعوة الكومنتانج هي التقريب والتسوية بين موارد الرزق في المجتمع، فهي غاية كفاية الاشتراكية أو غاية الشيوعية، ولكن طريقة التطبيق هي موضع الاختلاف.
وخطوتنا الأولى هي علاج مشكلة الأرض، ونصف المشكلة كلها محلول إذا وفقنا في هذا العلاج، فأصحاب رءوس الأموال في الصين لا يزالون ملاك أرض لا ملاك مكنات ومصانع، وينبغي من هنا أن يسهل علينا العمل على التسوية بين الملاك وتنظيم رأس المال وأن نلتمس لنا مخرجا من مشكلة الملكية.
ولا يكفي تنظيم رأس المال إذا أردنا أن نحل مشكلة المعيشة وأن نستريح طويلا بعمل حاسم، فقد كان فرض الضرائب على الدخل إحدى الوسائل التي لجأ إليها الغربيون لتنظيم رأس المال، فهل ترونهم حلوا مشكلة المعيشة؟
إن الصين لا تشبه غيرها من الأمم، ولا يغنينا هنا أن نعمل على تنظيم رأس المال.
فالأمم الأخرى غنية والصين فقيرة، والأمم الأخرى يفيض إنتاجها عن حاجتها والصين لا تنتج ما يكفيها، فلا يكفي الصين تدبير رءوس الأموال الخاصة، بل عليها أن تدبر للدولة كلها رأس مالها، وما العمل والأمة اليوم ممزقة الأطراف؟ وكيف السبيل إلى تدبير رأس مال للدولة؟
يخيل إلينا أنه ما من سبيل إلى وجهة صالحة، أو يخيل إلينا أنه ما من أمل في ارتقابها بعد حين.
Halaman tidak diketahui