ولم يتوان الأستاذ لحظة؛ لأنه يعرف حكومة الصين ويعرف عقابها للثوار ولا يجهل مصير تلميذه إذا ظفر به التنين: دق العظام ورض المفاصل وسمل العينين وصلم الأذنين، ثم الإجهاز على الفريسة إن بقيت فيها بقية للموت.
هرول السير جيمس إلى دار الشحنة
Scotland Yard
واستحثهم للنجدة فلم يزيدوا على إبداء الأسف والاعتذار بحصانة السفارات، وأن أيديهم مغلولة عن التعرض لها بغير طلب من السفارة أو وزارة الخارجية .
فهرول إلى وزارة الخارجية يعد اللحظات خوفا من فوات الوقت وخروج الأمر من يد الوزارة، ولم يلق اهتماما من الموظفين المسئولين لولا صديق له منتدب لبعض دواوينها، فبذل هذا الصديق جهده لإبلاغ المسألة إلى اللورد سالسبوري، وسئلت السفارة فأجابتهم بغير اكتراث: إن الرجل ينقل إلى بلده رحمة به واستجابة لتوسل أهله؛ لأنه مجنون يخشى عليه!
ونجاة سن ياتسن على هذه الصورة ترجع إلى أكثر من مصادفة واحدة أو مصادفتين.
فمن المصادفات أنه اعتقل ولم تكن بالميناء القريب سفينة صينية تأمنها السفارة على سرها، وتطمئن إلى إيداعه خفية بين ركابها، ولو قيضت للسفارة سفينة تتوافر لها شروطها لحملت أسيرها قبل أن يعلم باعتقاله أحد ينفع.
ومن المصادفات وجود السير جيمس بالعاصمة الإنجليزية، وأنه كان على معرفة بالزعيم المعتقل.
ومن المصادفات وجود الموظف الذي يعرفه السير جيمس بوزارة الخارجية، والواقع أن السير جيمس قد شك في نفع وساطته بعدما رأى من مراوغة الموظفين ورجال الشحنة، فنشر الخبر في صحيفة التيمس وتحدث به الصينيون كما تحدث به رجال السلك السياسي، فلم تقدر وزارة الخارجية على معالجة المسألة بالتسويف والمطاولة.
وأصبحت حجرة السفارة الروسية بعد هذا الحادث من الأماكن التاريخية، فهي في الدار الفخمة بميدان بورتلاند، مزار يحج إليه وتقام فيه الصلاة كل سنة يوم ذكرى وفاته، ولولا تلك المصادفات لما بقي لساكنها منذ ذلك اليوم ذكر في الحياة ولا بعد الممات، إلا أن يشهره التنكيل به علانية مع شهداء الثورة يوم يكتب لها النجاح.
Halaman tidak diketahui