فراحت تمشط شعرها وتقول بحياء حقيقي لأول مرة: قلت لنفسي ربما كان في حاجة إلى أنس وخدمة.
فقال بدهشة: شكرا، لست في حاجة إلى شيء من هذا، أليس لك بيت؟ - كلا. - أين كنت تعيشين؟
فقالت بهوان: عند صاحبة القهوة أحيانا، وأحيانا أبيت في القهوة! - لكنك تكسبين بلا شك. - لا نجد عملا في الشتاء، وكان الصيف الماضي كالشتاء!
فقال بضجر: على أي حال ستجدين حلا في الخارج.
فوقفت في إذعان وقالت بصوت منخفض: لم أدخر شيئا للشتاء، وأنت في حاجة إلى خدمة!
وأتى إلحاحها بنتيجة عكسية فازداد عنادا، غير أنه سألها: لم لا تهاجرين شتاء إلى القاهرة؟
فرمقته بنظرة دهشة، كأن الفكرة ليست مما يخطر بالبال ببساطة: أنا من هنا. - أليس لك أهل؟ - طبعا، ولكن لا يمكن الرجوع إليهم! - ألا تخشين أن يراك أحد منهم؟ - هم في طنطا، أنا في الأصل من طنطا.
فقال في ضجر، وكأنما قد ندم على الاسترسال في الحديث: من فضلك، وقتي ضيق.
ومضت إلى الحجرة لترتدي ملابسها، وقال لنفسه إن ثمة أوجه شبه تجمع بينه وبين هذه البنت، فكلاهما ملوث وطريد، أما هي فقد تولاها حال عبث لدى يأسها من استعطافه، فنظرت إلى صورة للأسرة اليونانية بالجدار وسألته: عائلة حضرتك؟
فابتسم على رغمه، وقال: أرأيت أنك شيطانة؟!
Halaman tidak diketahui