فقالت بمرارة: أنت لا تحب ابن عمك! - ولا هو يحبني! - لكنه في الوقت المناسب لم ينس أصله! - لا لوجه الله.
فقالت بإصرار: ولو، بنت عمك خير من سلوى، هل نسيت؟! ليتك تفكر في الأمر.
فقال بغموض، وبصره معلق بالسحب المتراصة في الأفق من خلال أغصان الشجرة: إني أفكر حقا في هجر القاهرة.
12
وصارع التردد أشهرا، ويوما قال لأمه: إني أفكر حقا في السفر إلى الإسكندرية.
وكانت الأم تزداد اعتيادا لغرابة أطواره كما تزداد ذبولا ونحولا، فقالت بهدوء: ولكن الصيف انتهى. - أريد الإقامة لا التصييف.
فاختلج جفناها قلقا، فاستطرد قائلا: أعني لفترة من الزمن.
أود أن أقيم في مكان لا يعرفني فيه أحد ولا أعرف فيه أحدا.
فقالت في امتعاض شديد: حالك لا يعجبني، والإنسان يجب أن يواجه الصعوبات بصورة أخرى، وما زالت أمامك فرصة لم تضع عند ابن عمك.
وعندما وجدت منه إصرارا استعانت بأخواته الثلاث فسارعن إلى الدقي، وهن جميعا متزوجات ويحملن في وجوههن طابع الأسرة الممثل في هيئة الوجه المثلثة والأعين المستديرة وجميعهن يكنن لعيسى حبا صادقا، لا لأنه كان شخصية لامعة يعتززن بها فحسب، ولكن أيضا لأنه صاحب الفضل الأول على أزواجهن في العلاوات والترقيات على عهد نفوذه، وأجمعن على المعارضة في سفره، كما أجمعن على وجوب الموافقة على اقتراح ابن عمه. - ما معنى أن تقيم في بلد كالغريب؟ - ألا يكفي أن أجد في ذلك راحة؟ - ومستقبلك؟
Halaman tidak diketahui