رسول الله وكان الإسلام قليلًا، فكان الرّجل يُفْتنُ في دينه، إمّا قتلوه، وإمّا يُعذّبوه حتّى كثُرَ الإسلام فلم تكنْ فتنةٌ " (^١).
وقد مكّن الله للمسلمين في الأرض لمّا علم صدق نيّاتهم: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١)﴾ [الحج].
هذه هي الغاية من الفتوحات كما جاء في الآية: تبليغ الرّسالة، وأداء الأمانة، وإقامة الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وليس العُلوّ في الأرض، ولا أنّ الدّخول في دين الله واجب فرض.
أمّا من يحتجّ بحديث النَّبيِّ ﷺ: " أُمِرْتُ أن أقاتل النّاس حتّى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنّ محمّدًا رسول الله، ويقيموا الصّلاة، ويؤتوا الزّكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلا بحقّ الإسلام، وحسابهم على الله " (^٢).
فالمراد بالنَّاس في قوله ﷺ: " أمرت أن أقاتل النَّاس " أي المشركين؛ فهو من باب العام الذي أريد به الخاص، فهو خاص بكفَّار قريش من غير أهل الكتاب؛ ويؤيد هذا رواية النسائي بلفظ: " أُمِرْتُ أن أقاتل المشركين" فقد أخرج النّسائي بسند صحيح عن أنس بن مالك، عن النَّبيِّ ﷺ قال: " أُمِرْتُ أن أقاتل المشركين حتّى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدًا عبده ورسوله ... " (^٣).
ثمّ إنّ النَّبيَّ ﷺ قال: " أُمِرتُ " ولم يقل: أمرْتُكم، أو أمرَكُم اللهُ! فإذا قال قائل: الحديث يحتمل غير هذا المعنى؟ قلنا: نعم، الحديث يحتمل غير هذا المعنى، ولكن هذا معنى