يسعى الوشاةُ بجَنْبيها وقولُهُم ... إنّكَ يا بنَ أبي سُلْمى لمقتولُ
وقال كلُّ خليلٍ كنتُ آمُلُه ... لا ألفينَّكَ إنّي عنك مشغولُ
فقلتُ خَلُّوا طريقي لا أبا لَكُمُ ... فكلُّ ما قدّر الرّحمنُ مفعولُ
كلُّ ابن أنثى وإن طالت سلامتُهُ ... يومًا على آلةٍ حَدْباءَ محمولُ
أُنبِئتُ أنّ رسول اللهِ أوعدني ... والعفو عند رسول الله مأمولُ
مَهْلًا هَدَاكَ الّذي أعطاكَ نافلةَ الـ ... ـقرآنِ فيها مواعيظٌ وتفصيلُ (^١)
أشدُّ ما لقي النّبيُّ - ﷺ - من قومه وعفوه
أخرج الشّيخان عن عُروة بن الزّبير أنّ عائشة - زوج النَّبيِّ - ﷺ - قالتْ لرسول الله - ﷺ ـ: " يا رسول الله، هل أتى عليك يومٌ كان أشدَّ من يوم أحد، فقال: لقدْ لقيتُ من قومِك، وكان أشدّ ما لقيْتُ منهم يوم العقَبَة، إذ عَرَضْتُ نفسي على ابن عَبْد يَالِيلَ بن عبْد كلال، فلم يُجِبْني إلى ما أردتُ، فانْطلقتُ وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أسْتَفقْ إلاّ بقَرْن الثّعالب (^٢)، فرفعتُ رأسي فإذا أنا بسحابة قدْ أظلّتني، فَنَظرتُ، فإذا فيها جبْريلُ فناداني، فقال: إنّ الله ﷿ قدْ سمِعَ قوْل قوْمك لك وما ردّوا عليك، وقد بعث إليك مَلَكَ الجبال لتأمرَه بما شئتَ فيهم، قال: فناداني مَلكُ الجبال وسلّم عليّ، ثمّ قال: يا محمّد، إنّ الله قدْ سمع قوْل قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربُّك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئتَ إنْ شئتَ أنْ أطبقَ عليهم الأخشبين (^٣)، فقال له رسول الله: بلْ أرجو أن يُخرجَ اللهُ من أصلابهم من يعبدُ الله وحده لا يشرك به شيْئًا " (^٤).