196

Stopping the Temptation: A Critical Study of the Instigators' Suspicions and the Trials of Jamal and Siffin According to the Methodology of the Muhaddithin

وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين

Penerbit

دار عمار للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Lokasi Penerbit

عمان - المملكة الأردنية الهاشمية

Genre-genre

عدل حتّى انتهوا إلى أصحاب النَّبيِّ ﷺ، الّذين نقلوا بدورهم عن الّذي لا ينطق عن الهوى، متحرّين الأمانة والصّدق.
فلا ريب أنّ الحقَّ مع أهل الحديث وأنّهم الفرقة النّاجية، ويشهد لذلك، ما رواه البخاري عن حُمَيْد، قال: سمعتُ معاوية بن أبي سفيان ﵄ يخطُبُ، قال: سمعتُ النَّبيَّ ﷺ يقول: " منْ يُرِدِ اللهُ به خيرًا يفقّهْهُ في الدّين، وإنّما أنا قاسم ويُعْطِي اللهُ، ولن يزالَ أمرُ هذه الأمّةِ مُسْتَقيمًا حتّى تَقُومَ السّاعةُ، أو حتّى يأتي أمرُ الله" (^١).
فقد أخرج هذا الحديث البخاري في (كتاب الاعتصام بالكتاب والسّنّة)، وعنون له تحت باب (قول النَّبيِّ ﷺ: لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ يقاتلون، وهم أهل العلم) وأخرج الحاكم بسند صحيح عن أحمد بن حنبل قال: " إن لم تكن هذه الطّائفة المنصورة أصحاب الحديث فلا أدري من هم " (^٢) ولذلك سيظلّ أهل العلم من هذه الأمّة ظاهرين على الحقّ إلى يوم القيامة، لا يضرّهم من خالفهم.
ولو تَتَبَّعْتُ الّذين نقلوا هذه الأباطيل، لاحتجت إلى مصنّفات، وإنّما نقلت منها شيئًا يسيرًا؛ لأعارضها بصحيح السّيرة، وليكون القارئ على بصيرة، فمثل هذه الأخبار سَوَّدَ بها هؤلاء الكتب الطّوال، وصفحات الأعمال! وإنَّ الحليم مِنَّا ليقف حيرانَ من هَوْلِ ما يجد مسطورًا في كتبهم!
والّذين أجهدوا أنفسهم في تعقّب أخبار الصّحابة ﵃ من كتب التّاريخ الّتي فيها الغثّ والسّمين، وأعدّوا المصنّفات دون تمييز الصّحيح من الدّخيل، وظلّوا على آثار هؤلاء المؤرِّخين يهرعون، كان الواجب عليهم أن يُعِدّوا عند الله عذرًا! قال تعالى: ﴿وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ... (١٢)﴾ [يس] الَّتي تركوها وَرَاءَ ظهورهم، وقد أصَابَ مَنْ قال:

(^١) البخاري: " صحيح البخاري " (م ٤/ج ٨/ص ١٤٩) كتاب الاعتصام بالكتاب.
(^٢) الحاكم " معرفة علوم الحديث " (ص ٢) وانظر " الحجّة " (ج ١/ص ٢٦٢).

1 / 197