122

Stopping the Temptation: A Critical Study of the Instigators' Suspicions and the Trials of Jamal and Siffin According to the Methodology of the Muhaddithin

وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين

Penerbit

دار عمار للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Lokasi Penerbit

عمان - المملكة الأردنية الهاشمية

Genre-genre

والحديث يُحمل على غير هذا المعنى، فلعلمائنا فيه أقوال أُخَر تستحقّ أن تُطْلبَ من مظّانها، ولكن يستفاد من الحديث أنّ النَّبيَّ ﷺ يخبر بتغيّر الأحوال وفسادها بعد عصر الصّحابة ﵃، فهو من أعلام النُّبوَّة؛ لأنّ ذلك من الغيب الّذي لا يعرف بالعقل والرأي وإنّما يعرف بالنّقل والوحي. ويؤبّد المعنى الّذي ذهبنا إليه من أنّ الحديث لا ينصّ على أنّ كلّ زمان ما بعده شرّ منه قطعًا إلى قيام السّاعة، أنّه سيأتي زمان أفضل من كثير من الأزمنة المتقدّمة؛ فقد أخبر ﷺ أنّه ستكون خلافة على منهاج النُّبوَّة، قال - ﷺ: " ... ثمّ تكون مُلْكًا جبريّة فتكون ما شاء الله أن تكون ثمّ يرفعها إذا شاء أن يرفعَها، ثمّ تكون خلافة على منهاج النُّبوَّة " (^١). ومن الأحاديث الّتي يسوقونها لتعيش هذه الأمّة في يأس قوله ﷺ: " بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ غريبًا، فطوبى للغرباء " (^٢) والحديث ليس فيه شيء يوهم بما ذهبوا إليه من أنّ مصير الإسلام إلى ضعف؛ فالمعنى أنّ أهل الإسلام أَوَّل الأمر كانوا قلّة، وهم في آخر الزّمان كذلك إلاّ أنّهم خِيَار (^٣). قلتُ: وكثرة المسلمين أو قلّتهم لا تعني قوّة للإسلام ولا ضعفًا؛ فالإسلام دين الله تعالى، ودين الله منصور بخِيَار هذه الأمّة على قلّتهم بإذن الله إلى قيام السّاعة. والحديث فيه بشارة إلى استمرار هذا الدّين إلى آخر الزّمان، وأنّ الّذين يشهدون غربة الإسلام ويتمسّكون به لهم منزلة عظيمة عند الله تعالى! ولا أعلم حديثًا صحيحًا يُفهم منه أنّ النَّبيَّ ﷺ يدعو الأمّة إلى القنوط، فلا يُتَصوَّرُ ذلك، وقد أُنْزِلَ عليه وعد الله للمؤمنين - عموم المؤمنين - بالنّصر: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧)﴾ [الرّوم] والنّجاة: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا

(^١) أحمد " المسند " (ج ١٤/ص ١٦٣/رقم ١٨٣١٩) وإسناده صحيح. (^٢) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّوويّ" (م ١/ج ١/ص ١٧٦) كتاب الإيمان. (^٣) انظر " تأويل مختلف الحديث " ابن قتيبة (ص ١٠٩).

1 / 123