وترًا، فإن أعانتْه (^١) على برٍّ وتقوى كانت شفاعةً حسنة، وإن أعانَتْه على إثمٍ وعدوان كانت شفاعةً (^٢) سيئة. والبرُّ: ما أُمِرت به، والإثمُ: ما نُهِيْتَ عنه، وإن كانوا كاذبين فإن الله لا يهدي كيد الخائنين.
وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: ٣٣ - ٣٤]، فاستثنى التائبين قبل القدرة عليهم فقط، فالتائب بعد القدرة عليه باقٍ فيمن وجب عليه الحد (^٣)؛ للعموم والمفهوم والتعليل.
هذا إذا كان قد ثبت بالبينة، فأما إذا كان بإقرار، وجاء مقرًّا بالذنب تائبًا، فهذا فيه نزاع مذكور في غير هذا الموضع، وظاهر مذهب أحمد: أنه لا تجب إقامة الحد في مثل هذه الصورة، بل إن طَلَبَ إقامة الحد عليه أقيم، وإن ذهب لم يُقَم عليه حدٌّ، وعلى هذا حُمِل حديث ماعز بن مالك لما قال: «فهلَّا تركتموه» (^٤)،