64

Rahsia Yang Mengganggu Saya

سر يؤرقني

Genre-genre

ما فاجأهما في المقام الأول هو مجيء الأولاد بالفعل مهرولين برا، حيث أخذوا يعدون متعثرين أحيانا، وأحيانا أخرى ينزلقون على ضفاف البحيرة من فرط لهفتهم على رؤية القارب الغارق. «مرحى، أين؟» «أين هو؟ لا أرى قوارب هنا.»

وما فاجأهما في المقام الثاني هو أنه عندما رأى الأولاد القارب المقصود بالفعل، ذاك الزورق المتهالك الذي جرفه الفيضان فعلق بين فروع الأشجار، لم يفهموا أن الأمر مجرد خدعة وبلعوا الطعم وانطلت عليهم الحيلة؛ إذ لم تبد عليهم مظاهر خيبة الأمل ولو للحظة واحدة، بل بدوا سعداء بالاكتشاف كما لو كان القارب سليما وجديدا. كانوا حفاة الأقدام بالفعل؛ نظرا لأنهم كانوا يخوضون في الماء لجمع الأخشاب، وقد واصلوا الخوض حتى تلك البقعة دون توقف، محيطين بالقارب ومبدين إعجابهم به غير مبالين بإيفا أو كارول - حتى ولو من باب التحقير - اللتين كانتا تتمايلان لأعلى ولأسفل على جذع الشجرة الذي تركبانه، فاضطرتا إلى الصراخ فيهم: «كيف هيأ لكم خيالكم أن بمقدوركم ركوبه؟» «لن يطفو على أي حال.» «ما الذي يجعلكم تظنون أنه سيطفو على سطح الماء؟» «سوف يغرق بكم والماء يبقبق فيه.»

بيد أن الأولاد لم يجيبوهما؛ نظرا لانشغالهم الشديد بمعاينة القارب، مقتربين منه على نحو استكشافي ليروا كيف يمكن سحبه وتعويمه دون إلحاق ضرر به. فرانك - أفضل الثلاثة قراءة وكتابة وأكثرهم حديثا وأقلهم كفاءة - أخذ يشير إلى القارب بصيغة المؤنث، وهو تصنع قابلته إيفا وكارول بزم شفاههما كأفواه الأسماك تعبيرا عن ازدرائهما لما يقول: «إنها محشورة في موقعين، عليكم بتوخي الحذر لكيلا تحدثوا ثقبا في قاعها؛ فهي أثقل مما تظنون.»

اعتلى كلايتون ظهر القارب وحرره، أما بود، ذاك الفتى الطويل البدين؛ فقد حمل ثقل القارب على ظهره ليعيده إلى الماء بحيث يستطيعون تعويمه قليلا وحمله قليلا إلى الشاطئ. كل ذلك استغرق بعض الوقت. في تلك الأثناء كانت كل من إيفا وكارول قد نزلتا عن جذعهما وخاضتا خارجتين من الماء. سارتا على البر للبس جواربهما وانتعال حذاءيهما وركوب دراجتيهما. لم تكونا بحاجة إلى العودة من هذا الطريق، ولكنهما جاءتا منه. وقفتا أعلى التلة متكئتين على دراجتيهما. لم تعودا إلى المنزل، لكنهما أيضا لم تجلسا جلسة تنم بوضوح عن رغبتهما في المشاهدة. كانتا تقفان ووجهاهما متقابلان مع اختلاس النظر إلى أسفل نحو الماء والأولاد الذين يعانون مع القارب، كما لو أنهما توقفتا لحظة واحدة فقط من باب الفضول، فبقيتا فترة أطول مما كانتا تنويان، بغرض رؤية ما سيسفر عنه هذا المشروع غير الواعد.

في حوالي الساعة التاسعة مساء عندما خيم الظلام تقريبا - خيم على من في بيوتهم، ولكنه لم يخيم تماما على من هم في الخارج - عادوا جميعا إلى البلدة، يسيرون جنبا إلى جنب بشارع مايو ستريت فيما يشبه الموكب. سار كل من فرانك وبود وكلايتون وهم يحملون القارب مقلوبا رأسا على عقب، فيما سارت إيفا وكارول من ورائهم مشيا على الأقدام ممسكتين بدراجتيهما. اختفت رءوس الأولاد تقريبا أسفل القارب المقلوب الذي تفوح منه رائحة الخشب المشبع بالمياه في مستنقعات المياه الباردة. كان بمقدور الفتاتين النظر إلى الأمام ورؤية أضواء الشوارع في عاكسات الضوء بدراجتيهما، عقد من الأنوار يمتد بطول شارع مايو ستريت، وصولا إلى الصنبور، ثم انعطفوا إلى شارع بيرنز ستريت متجهين إلى منزل كلايتون، أقرب منزل ولد فيهم. لم يكن هذا الطريق يصل إلى بيت إيفا ولا كارول، ولكنهما واصلتا السير مع الأولاد، ربما كان الأولاد مشغولين في حمل القارب لدرجة أنهم نسوا أن يقولوا لهما هيا اذهبوا بعيدا. كان بعض الأطفال الصغار لا يزالون في الخارج يلعبون، يلعبون الحجلة على الرصيف بالرغم من صعوبة الرؤية؛ ففي هذا الوقت من السنة كان الرصيف المكشوف لا يزال شيئا بديعا يدخل السرور على الأطفال. أفسح هؤلاء الأطفال الطريق وشاهدوا القارب يمر من أمامهم مشيعيه بنظرة تنم عن الإكبار؛ ثم صاحوا مرددين الأسئلة في إثره، رغبة منهم في معرفة من أين جاءوا به وما سيفعلونه به. لم يجبهم أحد. رفض أي من إيفا أو كارول أو الأولاد إجابتهم أو حتى النظر إليهم.

دخل خمستهم فناء بيت كلايتون، وتوقف الأولاد وكأنهم يهمون بإنزال القارب عن أكتافهم؛ فسارعت كارول قائلة: «يستحسن أن تحملوه إلى الخلف بحيث لا يراه أحد.» وكان هذا أول ما قاله أحدهم منذ أن دخلوا البلدة.

لم يقل الأولاد شيئا ولكنهم واصلوا المسير متخذين ممرا موحلا بين بيت كلايتون وسور خشبي مائل، وتركوا القارب في الحديقة الخلفية.

قالت لهم إيفا في محاولة منها لتشتيت انتباههم: «تعلمون أنه قارب مسروق. لا بد أنه ملك لأحدهم، وأنتم سرقتموه.»

فرد عليها بود لاهثا: «أنتما إذن من سرقه؛ فأنتما من رآه أولا.» «ولكن أنتم من أخذه.» «نحن جميعا متورطون إذن. إذا وقع أحدنا في مشكلة فهذا يعني أننا كلنا واقعون في نفس المشكلة.»

تساءلت كارول: «فهل ستخبرون أحدا بما حدث؟» فيما كانت هي وإيفا تهمان بركوب دراجتيهما للعودة إلى المنزل عبر الشوارع الغارقة في الظلام بين الأضواء والحفر التي خلفها الشتاء. «الأمر يرجع إليكما. أنا لن أخبر أحدا إن لم تفعلا أنتما.» «وأنا لن أخبر أحدا إن لم تفعلوا أنتم.»

Halaman tidak diketahui