بالمسرج المحدد من قولهم للسيوف السريجيات منسوبة إلى قين يعرف بسريج. وهذا القصد على ما تراه وحشى غريب.
وما زال أهل العلم بالشعر يكرهون قول ذي الرمة:
عصا عسطوس لينها وإعتدالها
وفي عسطوس ضروب من العيوب المذكورة وقيل إنه الخيزران. وقد كان يمكن ذا الرمة أن يقول: عصا خيزران.
وإن كان هؤلاء الشعراء أرادوا الإغراب حتى يتساوى في الجهل بكلامهم العامة وأكثر الخاصة فما أقبح ما وقع لهم. وقد رأيت أنا جماعة يتعمدون هذا فقلت لهم: إن سررتم بمعرفتكم وحشى اللغة فيجب أن تغتموا بسوء حظكم من البلاغة. وجرى بين أصحابنا في بعض الأيام ذكر شيخنا أبي العلاء بن سليمان١ فوصفه واصف من الجماعة بالفصاحة واستدل على ذلك بأن كلامه غير مفهوم لكثير من الأدباء فعجبنا من دليله وان كنا لم نخالفه في المذهب. وقلت له: إن كانت الفصاحة عندك بالألفاظ التي يتعذر فهمها فقد عدلت عن الأصل أولا في المقصود بالفصاحة التي هي البيان والظهور ووجب عندك أن يكون الأخرس أفصح من المتكلم لأن الفهم من إشاراته بعيد عسير. وأنت تقول كلما كان أغمض وأخفى كان أبلغ وأفصح.
وعارضه أبو العلاء صاعد بن عيسى الكاتب وقال: صدقت إننا لا نفهم عنه كثيرًا مما يقول إلا أن على قياس قولك يجب أن يكون ميمون الزنجي الذي نعرفه أفصح من أبي العلاء لأنه يقول ما لا نفهمه نحن ولا أبو العلاء أيضًا! فأمسك.
وأنا أكره من قول كثير بن عبد الرحمن صاحب عزة:
_________
١ هو أبو العلاء المعري أحمد بن عبد الله بن سليمان المتوفى سنة ٤٤٦هـ المشهور.
1 / 71