ولا لباس لثوب فائق أنق ولو جعلت هذا المختصر في مطعمه وملبسه لوسعه ، ولكن إشارة تدل على سعة ما قيل فيه، وميلي إلى الاختصار، وقف على هذه الصفة من الصيام والقيام، وقلة الطعام زهاء ثلاثين سنة، حتى بلغ من الضعف غاياته، ومن السقم [نهاياته](1) حتى رق جلده [في الجسدكالثياب، وترى بياض في غالب عظمه من رقة جلده](2) ولو كشط لحمه كله لما ملأ الكف.والله أعلم. ومع هذا كان صليبا في الصلاة، وقويا على القيام والصيام والسير إذا أحب المرحلة أو المرحلتين أو الثلاث، ما أفتره فيما أحسب هذا الضعف عن صيام ولا قيام، صدق صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: ((صوموا تصح أجسامكم من الألم وقلوبكم من الأسقام))(3). ما علمت أنه مرض في مدته هذه إلا يسيرا عارضا إلا مرة ضعف ضعفا عظيما حتى يظنه الرائي خرقة ملقاة، وقعد ثلاثة أيام ملقى على قفاه، فقال له أخوه سعيد بن منصور الحجي(4) رحمه الله تعالى إبراهيم، اذكر ربك، فقام منزعجا بأعلى صوته: يا سعيد، لم أنسه فأذكره يا سعيد، لم أنسه فأذكره، بأعلى صوته ثلاثا أو أربعا ثم استلقى وبكى، حتى شاهدت دمعه على ملء عينيه من الحاجبين إلى وجنتيه، لم يستطع مسحه بيده من الضعف، وقلة الحركة، وأظن ذلك الضعف لحال عارضة قطع أوصاله.
Halaman 89