وَقِيلَ (١): "يَتَأَدَّى بِهِ فِي الفَتْوَى، لَا فِي إِحْيَاءِ الْعُلُومِ الَّتِي تُسْتَمَدُّ مِنْها الفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَامَ فِي فَتْوَاهُ مَقَامَ إِمَامٍ مُطْلَقٍ، فَهُوَ يُؤَدِّي عَنْهُ مَا كَانَ يَتَأَدَّى بِهِ الْفَرْضُ حِينَ كَانَ حَيًّا قَائِمًا بِالفَرْضِ مِنْهَا".
وَهَذَا عَلَى الصَّحِيحِ فِي جَوَازِ تَقْلِيدِ الْمَيِّتِ.
* ثُمَّ قَدْ يُوجَدُ مِنَ الْمُجْتَهِدِ الْمُقَيَّدِ اسْتِقْلالٌ بِالاِجْتِهَادِ وَالفَتْوَى فِي مَسْألَةٍ خَاصَّةٍ أَوْ بَابٍ خَاصٍّ.
* وَيَجُوزُ (٢) لَهُ أَنْ يُفْتِيَ فِيمَا لَمْ يَجِدْهُ مِنْ أَحْكَامِ الْوَقَائِعِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ عَنْ إِمَامِهِ لِمَا (٣) يُخْرِّجُهُ عَلَى مَذْهَبِهِ.
وَعَلَى هَذَا الْعَمَلُ، وَهُوَ أَصَحُّ.
فَالْمُجْتَهِدُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ -مَثَلًا- إِذَا أَحَاطَ بِقَوَاعِدِ مَذْهَبِهِ، وَتَدَرَّبَ فِي مَقَايِيسِهِ وَتَصَرُّفَاتِهِ؛ تَنَزَّلَ مِنَ الْإِلْحَاقِ بمَنْصُوصَاتِهِ وَقَوَاعِدِ مَذْهَبِهِ مَنْزِلَةَ الْمُجْتَهِدِ الْمُسْتَقِلِّ فِي إِلْحَاقِهِ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ الشَّارِعُ بِمَا نَصَّ عَلَيْهِ.
وَهَذَا أَقْدَرُ عَلَى ذَا مِنْ ذَاكَ [عَلَى ذَاكَ] (٤)، فَإِنَّهُ يَجِدُ فِي مَذْهَبِ إِمَامِهِ قَوَاعِدَ مُمَهَّدَةً، وَضَوَابِطَ مُهَذَّبَةً، مَا لَا يَجِدُهُ (٥) الْمُسْتَقِلُّ (٦) فِي أُصُولِ الشَّرْعِ (٧) وَنُصُوصِهِ.