Memori Syuhada Ilmu dan Perantauan
ذكرى شهداء العلم والغربة
Genre-genre
ما للسماء أراها الآن قائمة
كما عهدت وما للأرض لم تمد «ليت شعري، ألم يأتهما ذلك النبأ العظيم الذي أدمى المقل وأذاب المهج، ذلك النبأ الذي صدع الأفئدة، وفتت الأكباد ومزق المرائر، ذلك النبأ الذي اهتزت له أركان العالم، وضجت له الأفلاك في الأفلاك، نبأ كواكب مصر المنثرة، ونجومها المنكدرة، وبدورها الآفلة في ليالي التمام، نبأ ذلك الجيش العرمرم الذي تجمع من زهر شباب الكنانة الناضر ليفتح لها مغاليق العلوم. تجمع أولئك الأبطال ولا أغالي إذا عددتهم جيشا جرارا، فإني أعد كل فرد منهم أمة بأسرها في شخص. اجتمعوا وقائدهم الحزم، وعدتهم العزم، وذخيرتهم حب بلادهم، ثم ساروا ووجهتهم أمور ثلاثة: تحصيل العلم، وخدمة بلادهم بما يحصلون منه، ثم تخليد ذكر يحيون به إلى الأبد، والذكر عمر لو علمت طويل! ولكن جيش المنية ربض لهم في سبيلهم، ثم أخذهم على غرة، وهنا انعكست أمامهم الآية، فبلغوا الغاية الأخيرة التي ينشدونها قبل الغاية الأولى التي خرجوا من أجلها، بلغوا ما كانوا يرجون لأنفسهم من الذكر الخالد وآيات الإعظام التي أصبحت منقوشة في صفحات كل فؤاد، ينقلها الخلف عن السلف ما دامت السموات والأرض. ولم يبلغوا ما أرادوا من نقل دار العلوم إلى بلادهم وتحليتها بها، فقضوا وفي أنفسهم من ذلك لوعة، وخلفوا مصرهم وفي قلبها عليهم ألف حسرة، قضوا وهم في ميدان الجهاد بعيدين عن أهليهم، بعيدين عن أبيهم النيل وأمهم مصر التي حبتهم وأحبوها حتى كانوا يطلبون لها الحياة وهم يجودون بالنفس الأخير! بالله ماذا كان على المنية لو أمهلتكم أيها الشهداء، حتى تبلغوا أربكم وتبلغ مصر بكم أربها؟! ولكن هكذا قضي لكم وقضاء الله إذا جاء لا يرد، ولا يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها، ففي ذمة الله شبابكم الغض ونفوسكم الكريمة.
وإني إذا عزيت عنكم الأمة جمعاء أرى من واجبي في موقفي هذا أن أخص أبا علي، مع بقية الدمياطيين، بتعزية مفردة عن ذلك الشاب الكريم النبعة، الوسيم الطلعة، العريق النسب، الوافر الأدب، الطيب الأعراق، الرضي الأخلاق، المرحوم «علي حسن البكري»، وإن كانت الرزيئة ليست خاصة بهم، والفاجعة غير قاصرة عليهم، بل هي مصيبة الأمة قد أصابت كل قلب فيها وليس لنا إلا الصبر وملاقاة الخطوب بقلوب من الصخر، ولا تزدنا الكارثات إلا مضيا في سبيلنا لتحقيق مآربنا، ولا نضع أعمارنا إلا فيما خلقنا له من العمل الصالح.
ثم أعقبها بهذه القصيدة العصماء:
أرى الأعمار ما طالت قصارا
وغول الدهر إما قر ثارا
وما من مهجة إلا ستسقى
كئوس الموت خلا أو عقارا
فلا يغررك يوم مر صفوا
فقد يوليك في غده تبارا
Halaman tidak diketahui