بأن قال: رأيت امرأ القيس أحسن الشعراء نادرة واسبقهم بادرة وأنه لم يقل لرغبة ولا لرهبة. قال العلماء: إن امرأ القيس لم يسبق الشعراء لأنه قال ما لم يقولوا ولكنه سبق إلى أشياء فاستحسنها الشعراء واتبعوه فيها لأنه أول من لطف المعاني ومن استوقف على الطلول وقرب مآخذ الكلام فقيد الأوابد وأجاد الاستعارة والتشبيب منها ذكر الطلول والالتفات إلى الأحباب والتفنن في الأوصاف. ومن شعره قوله يصف المطر (من الطويل) :
سقى واردات والقليب ولعلعا ... ملث سماكي فهضبة ليهبا
فمر على الخبتين خبتي عنيزة ... فذات النقاع فانتحى وتصوبا
فلما تدلى من أعالي طمية ... أبست به ريح الصبا فتحلبا
وله في وصف الخيل (من البسيط) :
الخير ما طلعت شمس وما غربت ... مطلب بنواصي الخيل معصوب
صبت عليه وما تنصب من أمم ... إن البلاء على الأشقين مصبوب
وقال أيضا (من الوافر) :
أرانا موضعين لأمر غيب ... ونسحر بالطعام وبالشراب
عصافير وذبان ودود ... واجرا من محلجة الذئاب
وكل مكارم الأخلاق صارت ... إليه همتي وبه اكتسابي
إلى عرق الثرى وشجت عروقي ... وهذا الموت يسلبني شبابي
Halaman 36